للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان الاستعمال لا يتفاوت بتفاوت الناس، مثل سكنى الدار فله أن يسكن غيره؛ لأن المملوك بالعقد هو السكنى، والناس لا يتفاوتون فيه عادة، فلم يكن التقييد بسكناه مفيداً، فيلغو القيد، إلا إذا كان الذي يسكنها إياه حداداً، أو قصاراً (١)، ونحوهما ممن يوهن البناء، فليس له أن يسكنها إياه ولا أن يعمل بنفسه ذلك؛ لأن المعير لا يرضى به عادة.

وإذا حدد زماناً أو مكاناً، فجاوز ذلك المكان، أو زاد على الوقت: يضمن؛ لأن التخصص مفيد.

وإذا بين مقدار الحمل والجنس: فإن حمله عليه وزاد، يضمن، بقدر الزيادة، فلو ركب الدابة بنفسه، وأردف غيره، فعطبت فإن كانت الدابة مما تطيق حملها جميعاً، يضمن نصف قيمة الدابة؛ لأنه لم يخالف إلا في قدر النصف، وإن كانت الدابة مما لا تطيق حملهما، ضمن جميع قيمتها، لأنه استهلكها.

ولو حمل على الدابة شيئاً بخلاف الجنس المحدد في العقد: فإن كان مثله في الخفة أو أخف منه، لا يضمن. وإن كان أثقل منه، يضمن.

وإن كان الحمل مثل المعين في العقد في الوزن والثقل: بأن استعار دابة ليحمل عليها مئة رطل من القطن، فحمل عليها مئة رطل من الحديد، فإنه يضمن؛ لأن ثقل الحديد يتركز في موضع واحد على ظهر الدابة، وثقل القطن يتوزع على جميع ظهرها وبدنها، فكان ضرره بالدابة أكثر، والرضا بأدنى الضررين لا يكون رضا بأعلاهما.

وإن كان الحمل أثقل من المبين في العقد: فإن كان من الجنس المذكور في العقد، يضمن بقدر الزيادة، وإن كان من خلاف الجنس، يضمن كل القيمة.


(١) القصار: محور الثياب ومبيضها.

<<  <  ج: ص:  >  >>