٢ً - تماثل الدينين (١): باتحادهما جنساً ونوعاً وصفة وحلولاً وأجلاً. فإذا كان الدينان من جنسين، أو متفاوتين في الوصف، أو مؤجلين، أو أحدهما حالاً والآخر مؤجلاً، لم تقع المقاصة عند الحنفية، وقال المالكية: تصح المقاصة عند اختلاف الجنسين، كأن يكون أحد الدينين عيناً (ذهباً أو فضة) والآخر طعاماً أو عرضاً، أو يكون أحدهما عرضاً والآخر طعاماً، والعرض: ما ليس عيناً (نقداً) ولا طعاماً.
ومن المعلوم أن صنف كل من الدراهم والدنانير جنسان مختلفان عند الحنفية في ظاهر الرواية وعند الشافعية والحنابلة، لكن في المقاصة تعتبر جنساً واحداً استحساناً في رأي بعض مشايخ الحنفية، جاء في الفتاوى الظهيرية: إذا اختلف الجنس وتقاصا، كما لو كان له عليه مئة درهم، وللمديون مئة دينار عليه، فإذا تقاصا تصير الدراهم قصاصاً بمئة من قيمة الدنانير، ويبقى لصاحب الدنانير على صاحب الدراهم ما بقي منها.
وبما أن الأوراق النقدية حلت محل الفلوس الرائجة، فالنقود في زماننا بناء على رأي بعض مشايخ الحنفية تعد جنساً واحداً في المقاصة، عملاً بالعرف في التعامل، والمراعى فيها القيمة لا ذات النقد بخصوصه.
أما عند الشافعية والحنابلة فتعتبر النقود الورقية أجناساً مستقلة بناء على أن صنف الدنانير والدراهم عندهم جنسان، فلا تقع المقاصة بين دينين أحدهما دنانير والآخر دراهم لاختلاف الجنس.
(١) الدين: وصف في الذمة، وليس مالاً في الحقيقة عند الحنفية، ولا يطلق عليه اسم المال إلا تجوزاً؛ لأنه يصير مالاً بعد قبضه، ولا يصير الشيء ديناً في الذمة إلا إذا أمكن ضبطه بالوصف، بأن يكون من المثليات.