للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك قال الحنابلة: النية أن يعتقد أنها زكاته، أو زكاة ما يخرج عنه كالصبي والمجنون، ومحلها القلب؛ لأن محل الاعتقادات كلها القلب. ويجوز تقديم النية على الأداء بالزمن اليسير كسائر العبادات، وإن دفع الزكاة إلى وكيله ونوى هو دون الوكيل، جاز، إذا لم تتقدم نيته الدفع بزمن طويل. فإن تقدمت النية بزمن طويل لم يجز، إلا إذا نوى حال الدفع إلى الوكيل، ونوى الوكيل عند الدفع إلى المستحق.

لكن إن أخذ الإمام الزكاة قهراً أجزأت من غير نية؛ لأن تعذر النية في حقه أسقط وجوبها عنه كالصغير والمجنون.

ولو تصدق الإنسان بجميع ماله تطوعاً، ولم ينو به الزكاة، لم يجزئه عند الجمهور غير الحنفية؛ لأنه لم ينو به الفرض، كما لو تصدق ببعضه، وكما لو صلى مئة ركعة، ولم ينو الفرض بها. وقال الحنفية: تسقط عنه الزكاة استحساناً خلافاً للقياس.

٢ - التمليك: يشترط التمليك لصحة أداء الزكاة (١) بأن تعطى للمستحقين، فلا يكفي فيها الإباحة أو الإطعام إلا بطريق التمليك، ولا تصرف عند الحنفية إلى مجنون وصبي غير مراهق (مميز) إلا إذا قبض لهما من يجوز له قبضه كالأب والوصي وغيرهما. وذلك لقوله تعالى: {وآتوا الزكاة} [البقرة:٤٣/ ٢] والإيتاء هو التمليك، وسمى الله تعالى الزكاة صدقة بقوله عز وجل: {إنما الصدقات للفقراء} [التوبة:٦٠/ ٩] والتصدق تمليك، واللام في كلمة «للفقراء» ـ كما قال الشافعية ـ لام التمليك، كما يقال: «هذا المال لزيد».


(١) البدائع: ٣٩/ ٢، الدر المختار: ٨٥/ ٢، أحكام القرآن لابن العربي: ٩٤٧/ ٢، المهذب: ١٧١/ ١، المغني: ٦٦٥/ ٢ - ٦٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>