للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث التمهيدي: مقدمات وفيه مطلبان:

[المطلب الأول]

أولاً ـ المنشأ التاريخي لمفهوم دار الإسلام ولمفهوم الدولة الحديث: فقرة ١ ـ كانت الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة (يثرب) وما سبقها من بيعتي العقبة أساساً في نشأة أو تكوين الدولة الإسلامية، أو دار الإسلام في اصطلاح فقهائنا؛ إذ بذلك تميزت شخصية المسلمين عن المشركين، وتوطدت لهم في المدينة الدعائم الأولى للأمن والاستقرار، وبرزت السلطة السياسية للنبي، وهذه السلطة تعتبر الآن هي العنصر الجوهري في تكوين الدولة (١).

وكان من مظاهر ممارسة النبي عليه السلام لتلك السلطة أنه قام بموادعة اليهود في المدينة حينما كتب كتاباً بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه يهود، وعاهدهم على دينهم وأموالهم، وشرط لهم، واشترط عليهم (٢).

وبدأ التشريع القرآني ينظم أوضاع الجماعة الإسلامية لتدبير شؤونها وسياسة ملكها، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يمارس سلطانه السياسي في تنفيذ القوانين والأنظمة المشرعة، وتأديب العصاة، ومعاقبة الجناة، وعقد الاتفاقات أو المعاهدات ومحاربة الأعداء؛ إذ أنه بعد اثني عشر شهراً من مقدمه عليه السلام إلى المدينة


(١) النظم السياسية للدكتو ثروت بدوي: ٣٧/ ١.
(٢) سيرة ابن هشام: المجلد الأول/٥٠١، ط الحلبي. ولقد كان هذا الاتفاق على إنشاء (أمة) واحدة من أعجب الاتفاقات التي عرفها التاريخ من هذا النوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>