للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتجوز الجعالة شرعاً عند المالكية والشافعية والحنابلة (١)، بدليل قوله تعالى في قصة يوسف مع إخوته: {قالوا: نفقد صُواع الملك (٢)، ولمن جاء به حمل بعير، وأنا به زعيم} [يوسف:٧٢/ ١٢] أي كفيل. وبدليل ما جاء في السنة من أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة (أم القرآن)، وهو ما رواه الجماعة إلا النسائي عن أبي سعيد الخدري: «أن ناساً من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتوا حياً من أحياء العرب، فلم يُقْروهم (يضيفوهم)، فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك، فقالوا: هل فيكم راقٍ؟ فقالوا: لم تقرونا، فلا نفعل أو تجعلوا لنا جعلاً، فجعلوا لهم قطيع شاء، فجعل رجل يقرأ بأم القرآن، ويجمع بزاقه، ويتفل، فبرأ الرجل، فأتوهم بالشاء، فقالوا: لا نأخذها حتى نسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فسألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن ذلك، فضحك، وقال: وما أدراك، إنها رقية؛ خذوها واضربوا لي فيها بسهم» (٣).

والمعقول يؤيد ذلك: وهو أن الحاجة تدعو إلى الجعالة، من رد ضالة، وآبق، وعمل لا يقدر عليه صاحبه، فجاز بذل الجعل، كالإجارة والمضاربة، إلا أن جهالة العمل والمدة لا تضر بخلاف الإجارة؛ لأن الجعالة غير لازمة، والإجارة لازمة، وتفتقر إلى تعيين المدة لمعرفة قدر المنفعة، ولأن الجعالة رخصة اتفاقاً لما فيها من الجهالة، وأجيزت لإذن الشارع بها.

[صيغة الجعالة]

الجعالة التزام بإرادة واحدة فلا تتحقق إلا بصيغة (٤) من الجاعل من الصيغ


(١) بداية المجتهد: ٢٣٣/ ٢، القوانين الفقهية، الشرح الكبير، المكان السابق، مغني المحتاج: ٤٢٩/ ٢، المغني: ٦٥٦/ ٥، كشاف القناع: ٢٢٥/ ٤، المهذب: ٤١١/ ١.
(٢) الصواع والصاع: مكيال يكال به، أو هو إناء يشرب فيه، كان سقاية الملك.
(٣) نيل الأوطار: ٢٨٩/ ٥.
(٤) مغني المحتاج: ٤٢٩/ ٢ ومابعدها، المهذب: ٤١١/ ١، المغني: ٦٥٨/ ٥، الشرح الصغير: ٨١/ ٤، الشرح الكبير: ٦٠/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>