وكذلك يحلف الشخص أيضاً على البت على فعل غيره إن كان الأمر إثباتاً كبيع وإتلاف وغصب؛ لأنه يسهل معرفة الواقع والشهادة به، وإن كان نفياً فيحلف على نفي العلم، أي لا يعلم أنه كذلك، لعدم علمه بما فعل غيره، فيقول:(والله ما علمت أنه فعل كذا) لأن نفي الشيء يعسر معرفته (١). وعليه، إذا ادعى إنسان على آخر أنه سرق منه شيئاً أو غصب منه شيئاً، فيحلف المدعى عليه على البت أنه ما سرق أو غصب. وإن ادعى على فعل الغير، كأن ادعى ديناً على ميت بحضور وارثه، أو أن أباه سرق منه شيئاً، فيحلف الوارث بالله ما يعلم أن على أبيه ديناً أو أنه سرق هذا الشيء.
صفة المحلوف عليه: إذا كان المدعى به أرضاً وأنكر المدعى عليه، يحلف على الحاصل فعلاً في النهاية، فيقول:(والله ما هذه الأرض لفلان، ولا شيء منها) وإن ادعى أنه أقرضه ألفاً أو غصبه ألفاً أو أودعه ألفاً، وأنكر المدعى عليه، فيحلف (بالله ما يستحق المدعي رد شيء عليه) ولا يحلف بالله ما استقرضت أو غصبت أو استودعت؛ لأنه قد تحصل هذه الأسباب ثم يفسخ، أي يزول معنى القرض أو الغصب أو الإيداع بالهبة أو بالبيع، فلو حلف المدعى عليه على السبب الذي هو الغصب ونحوه لتضرر به، فيحلف على الحاصل في النهاية لدفع الضرر عنه. وقال أبو يوسف: إنه يحلف على القرض والغصب والإيداع.
ومن ادعى أنه اشترى من هذا حيواناً، فأنكر المدعى عليه، استحلف بالله ما بينكما بيع قائم في هذا الحيوان. ولا يستحلف بالله ما بعت، خلافاً لأبي يوسف؛ لأنه قد يبيع الحيوان، ثم يفسخ البيع أو تطرأ عليه الإقالة، فلا يبقى البيع على حاله.
(١) الدر المختار: ٤٤٤/ ٤، مغني المحتاج: ٤٧٣/ ٤ وما بعدها، تكملة فتح القدير: ١٨٠/ ٦، المغني: ٢٣٠/ ٩ وما بعدها. قال الكاساني في البدائع: ٢٧٩/ ٥: ومن حلف على غير فعله، يحلف على العلم؛ لأنه لا علم له بما ليس بفعله، ومن حلف على فعل نفسه يحلف على البتات.