٢ً - استمر عمل الأمة منذ صدر الإسلام إلى الآن على وقف الأموال على وجوه الخير، ومنع التصرف فيها من الواقف وغيره.
التعريف الثالث ـ للمالكية (١): وهو جعل المالك منفعة مملوكة، ولو كان مملوكاً بأجرة، أو جعل غلته كدراهم، لمستحق، بصيغة، مدة ما يراه المحبِّس. أي إن المالك يحبس العين عن أي تصرف تمليكي، ويتبرع بريعها لجهة خيرية، تبرعاً لازماً، مع بقاء العين على ملك الواقف، مدة معينة من الزمان، فلا يشترط فيه التأبيد. ومثال المملوك بأجرة: أن يستأجر داراً مملوكة أو أرضاً مدة معلومة، ثم يقف منفعتها لمستحق آخر غيره في تلك المدة. وبه يكون المراد من «المملوك» إما ملك الذات أو ملك المنفعة.
الوقف عند المالكية لايقطع حق الملكية في العين الموقوفة، وإنما يقطع حق التصرف فيها. واستدلوا على بقاء الملك في العين الموقوفة بحديث عمر المتقدم، حيث قال له الرسول عليه الصلاة والسلام:«إن شئت حبَّست أصلها، وتصدقت بها» ففيه إشارة للتصدق بالغلة، مع بقاء ملكية الموقوف على ذمة الواقف، ومنع أي تصرف تمليكي فيه للغير، بدليل فهم عمر:«على ألا تباع، ولا توهب، ولاتورث».
وهذا يشبه ملك المحجور عليه لسفه أي تبذير، فإن ملكه باق في ماله، ولكنه ممنوع من بيعه وهبته. وهذا الرأي أدق دليلاً، ولكن التعريف الثاني أشهر عند الناس.
واتفق العلماء في وقف المساجد أنها من باب الإسقاط والعتق، لا ملك لأحد فيها، وأن المساجد لله تعالى.