للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصلحة في الأمان: اشترط الحنفية والمالكية (١): أن يكون الأمان لمصلحة؛ لأن الحرب مع العدو مستمرة. واكتفى الشافعية والحنابلة (٢) باشتراط عدم وجود الضرر من الأمان ولا تشترط المصلحة. فلا يجوز الأمان لجاسوس ونحوه، إذ لاضرر ولا ضرار في الإسلام. والضرر: مثل تأمين جاسوس أو مهرب سلاح.

مكان الأمان: هو دار الإسلام: وهي مكان الأمان إذا كان المؤمّن هو الإمام أو أمير الجيش، فللمستأمن التنقل في كل البلاد الإسلامية إلا إذا قيد الأمان في موطن معين أو كان القيد شرعياً، والقيد الشرعي مختلف في تحديده بين الفقهاء (٣)، ففي رأي أبي حنيفة: يجوز للكافر دخول أي مكان في دار الإسلام، حتى الحرم المكي والمسجد الحرام، فله الدخول والإقامة في حرم مكة والمسجد مدة مقام المسافر ـ ثلاثة أيام بلياليها ـ وأجاز الحنفية لغير المسلم دخول المساجد كلها ومنها المسجد الحرام، من غير إذن؛ لأنه ليس المراد من آية {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} [التوبة:٢٨/ ٩] النهي عن دخول المسجد الحرام، وإنما المراد النهي عن أن يحج المشركون ويعتمروا كما كانوا يفعلون في الجاهلية.

ومنع الشافعية والحنابلة غير المسلم، ولو لمصلحة من دخول حرم مكة، لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} [التوبة:٢٨/ ٩] والمراد من المسجد الحرام: الحرم المكي بإجماع المفسرين، بدليل قوله تعالى عقب ذلك: {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله} [التوبة:٢٨/ ٩] والعيلة: هي الفقر بانقطاع التجارة حال المنع من دخول الحرم. ويمنع غير المسلم أيضاً في هذين المذهبين من دخول الحجاز أو الاستيطان فيه إلا بإذن الإمام ولمصلحة المسلمين كحمل رسالةأو إدخال تجارة يحتاج إليها المسلمون،


(١) فتح القدير: ٣٠٠/ ٤، الشرح الكبير: ١٨٥/ ٢، الشرح الصغير: ٢٨٦/ ٢.
(٢) نهاية المحتاج: ٢١٧/ ٧، مغني المحتاج: ٢٣٨/ ٤، كشاف القناع: ٩٧/ ٣، ط مكة.
(٣) شرح السير الكبير: ١/ ٩٣، الأشباه والنظائر لابن نجيم: ٢/ ١٧٦، أحكام القرآن للجصاص: ٢/ ٨٨، مواهب الجليل للحطاب: ٣/ ٣٨١، الدردير مع الدسوقي: ٢/ ١٨٥، المهذب: ٢/ ٢٥٧، الأم: ٤/ ١٠٠، المغني: ٨/ ٥٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>