للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المقاصة برأس مال السلم بدين آخر على المسلم إليه: كأن وجب على المسلم إليه لرب السلم دين مثل رأس مال السلم، فهل تقع المقاصة بين رأس المال هذا وبين ذلك الدين؟ هنا ثلاث حالات أيضاً:

١ً - أن يجب الدين بعقد متقدم على السلم: بأن كان رب السلم قد باع إلى المسلم إليه (١) ثوباً بعشرة دراهم مثلاً، ولم يقبضها، ثم عقدا عقد سلم بينهما، كأن أسلم رب السلم إلى المسلم إليه عشرة دراهم في مد حنطة، فإن تراضيا على المقاصة بالدينين (الدين السابق وهو ثمن المبيع، والدين اللاحق وهو رأس مال السلم) صحت المقاصة استحساناً، وإن أبى أحدهما لم تقع المقاصة. والقياس يقضي بعدم وقوع المقاصة وهو قول زفر.

وجه القياس: أن قبض رأس مال السلم شرط شرعي لصحة السلم كما هو معروف، ولكن بالمقاصة لم يحصل القبض فعلاً، فيبطل السلم إذا افترق العاقدان بدون تحقيق شرط القبض.

ووجه الاستحسان: أن القبض وإن كان مطلوباً في عقد السلم، إلا أنه إذا تمت المقاصة تبين أن عقد السلم لا يتطلب تحقيق قبض رأس المال فعلاً، وإنما يكفي أن يتم القبض بطريق المقاصة، كما لو اتفق البائع والمشتري على الزيادة في الثمن والمثمن، فإن ذلك يلتحق بأصل العقد، ويقع البيع فعلاً على الزيادة.

٢ً - أن يجب الدين بقبض مضمون متأخر عن عقد السلم كالغصب والقرض، فإنه تقع المقاصة جبراً عن رب السلم والمسلم إليه، كما في الصرف؛ لأن قبض الغصب والقرض قبض حقيقة، فيجعل نائباً عن قبض رأس مال السلم إذا تساوى الدينان.


(١) أطلق على العاقدين وصف (رب السلم والمسلم إليه) باعتبار ماسيكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>