للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنه أنه يقطع من خنصر القدم (١) ويبقى له الكعب ليعتمد عليه. وبه قال أبو ثور، والراجح المشهور عملاً هو كون القطع من مفصل الزند ومن مفصل القدم.

وإذا قطع فالسنة أن يعلق العضو في عنقه ساعة، لما روى فضالة بن عبيد، قال: «أتي النبي صلّى الله عليه وسلم بسارق، فأمر به فقطعت يده، ثم أمر فعلقت في رقبته» ولأن في ذلك ردعاً للناس. ويحسم موضع القطع، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتي بسارق، فقال: اذهبوا به فاقطعوه، ثم احسموه، ثم ائتوني به، فأتي به، فقال: تب إلى الله تعالى، فقال: تبت إلى الله تعالى، فقال: تاب الله عليك. والحسم: هو أن يغلى الزيت غلياً جيداً، ثم يغمس فيه موضع القطع لتنحسم العروق، وينقطع الدم (٢) وعلى المحدود أجرة قاطع، وثمن زيت حسم.

صفة حد السرقة: حد السرقة بالاتفاق حق خالص لله تعالى، فلا يحتمل العفو والصلح والإبراء بعد ثبوته، فلو أمر الحاكم بقطع السارق، فعفا عنه المسروق منه، كان عفوه باطلاً؛ لأن صحة العفو تعتمد كون العفو عنه حقاً للعافي، والقطع حق خالص لله سبحانه وتعالى. ومن هنا قرر الحنفية هذه القاعدة: «الصلح عن الحدود باطل» (٣).

ويترتب عليه (٤): أنه يجري التداخل في حد السرقة، فلو سرق شخص سرقات، فرفع الأمر فيها كلها أو بعضها إلى الحاكم، فيقام حد واحد هو القطع


(١) المبسوط: ١٣٣/ ٩، البدائع: ٩٨/ ٧، بداية المجتهد: ٤٤٣/ ٢، حاشية الدسوقي: ٣٣٢/ ٤، مغني المحتاج: ١٧٨/ ٤، المغني: ٢٥٩/ ٨.
(٢) المهذب: ٢٨٣/ ٢، غاية المنتهى: ٣٤٣/ ٣.
(٣) الفرائد البهية في القواعد الفقهية للشيخ محمود حمزة: ص ١٤٧.
(٤) البدائع: ٥٥/ ٧، ٨٦، المبسوط: ١٨٥/ ٩، المهذب: ٢٦٣/ ٢، ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>