للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجبت ولو لم يرض الجاني. وبالرغم من أن الراجح في المذهب الشافعي وهو أن القصاص واجب عيناً، إلا أن الشافعية قالوا: الدية بدل عن القصاص عند سقوطه بعفو أو غيره كموت الجاني، فيثبت حق المجني عليه في الدية؛ لأن ما ضمن بسببين على سبيل البدل، إذا تعذر أحدهما ثبت الآخر، كذوات الأمثال (١). وتلزم الدية حال العفو عن القصاص على الدية باختيار ولي المجني عليه، لا برضا الجاني. وبه يظهر أن الشافعية والحنابلة يقررون بقاء الدية في التركة بموت القاتل.

٢ - العفو: الكلام فيه يتناول مشروعيته، وركنه، ومعناه وشروطه، وأحكامه.

مشروعيته: يجوز العفو عن القصاص، وهو أفضل من استيفاء القصاص (٢)، بدليل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى: الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى، فمن عُفي له من أخيه شيء، فاتِّباع بالمعروف، وأداء إليه بإحسان، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} [البقرة:١٧٨/ ٢] وقال سبحانه: {والجروحَ قصاص، فمن تصدَّق به فهو كفارة له} [المائدة:٤٥/ ٥] وقال تعالى في مناسبة إسقاط الحق في شيء من المهر قبل الدخول: {وأن تعفوا أقرب للتقوى} [البقرة:٢٣٧/ ٢].

ومن السنة قول أنس: «ما رفع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو» (٣). وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «ما من رجل يصاب بشيء في جسده، فيتصدق به إلا رفعه الله درجة، وحط به عنه خطيئة» (٤)


(١) مغني المحتاج: ٤٨/ ٤، نهاية المحتاج: ٤٨/ ٧، المهذب: ١٨٨/ ٢.
(٢) المغني: ٧٤٢/ ٧، كشاف القناع: ٦٣٣/ ٥.
(٣) رواه أحمد وأصحاب السنن إلا الترمذي، وإسناده لابأس به.
(٤) رواه ابن ماجه والترمذي، وقال عنه: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>