وأخذ القانون المدني بمبدأ صحة الإبراء بإرادة الدائن وحده وهو المقرر في الفقه الحنفي. نصت المادة (٣٦٩) منه على ما يأتي: «ينقضي الالتزام إذا أبرأ الدائن مدنيه مختاراً، ويتم الإبراء متى وصل إلى علم المدين، ويرتد برده».
التقادم: لا يعتبر التقادم (أو مضي المدة ومرور الزمن أو وضع اليد) في الشريعة الإسلامية سبباً صحيحاً من أسباب كسب الحقوق أو إسقاطها ديانة إذ «لا يجوز لأحد أن يأخذ مال أحد بلا سبب شرعي» ولأن الحق أبدي لا يزول إلا بمسوغ شرعي مقبول. وإنما التقادم ما نع فقط للقاضي من سماع الدعوى بالحق القديم الذي أهمل صاحبه الادعاء به زمناً طويلاً معيناً بلا عذر. وذلك للشك في أصل الحق وفي إثباته بعد هذه المدة الطويلة، وحماية لمبدأ الاستقرار في الأوضاع الحقوقية، وتجنباً لإثارة المشكلات في الإثبات ونحوه؛ لأن القضاء في الإسلام مظهر للحق لا مثبت له، والحقوق الثابتة لا يؤثر فيها ديانة مرور الزمان وتقادم العهد. إلا أن القضاء مع هذا يقبل التخصيص بالزمان والمكان والخصومة، ويقبل التعليق بالشرط. وبناء عليه يصح للدولة منع القاضي من سماع دعوى على شخص مضى على وضع يده خمس عشر سنة مثلاً، فيعتبر قضاؤه بعدئذ غير نافذ (١).
ويمكن تسويغ ذلك بنظرية المصالح المرسلة التي تجيز للحاكم اتخاذ التدابير القضائية المناسبة لإقرار الحقوق والاهتمام بها، وإبعاد القضاء عن المشكلات المعقدة في إثبات حقوق قديمة. وهذا المعنى هو أساس الأخذ بفكرة التقادم قانوناً، فإن القانونيين قالوا: إن التقادم يقوم على أساس اعتبارات ذات طابع عام أي متصلة بالصالح العام للمجتمع كله، لا على أساس اعتبارات فردية، فالضرورات الاجتماعية هي التي أدت إلى إقرار هذا النظام.