وبناء عليه يجوز في رأي الحنفية توكيل الذمي غير المسلم بأداء الزكاة للفقراء؛ لأن المؤدي في الحقيقة هو المسلم. ولو قال الموكل: هذا تطوع أوعن كفارتي، ثم نواه عن الزكاة قبل دفع الوكيل، صح. وللوكيل أن يدفع الزكاة لولده الفقير أو زوجته الفقيرة إذا لم يأمره بالدفع إلى شخص معين، ولا يجوز له أن يأخذ الزكاة لنفسه إلا إذا قال له الموكل: ضعها حيث شئت.
وإن أمره بالدفع إلى شخص معين، فدفعها الوكيل لغيره، فيه قولان عند الحنفية: قول بأنه لا يضمن، كمن نذر أن يتصدق على فلان معين، له أن يتصدق على غيره، وقول رجحه ابن عابدين: يضمن؛ لأن الوكيل يستمد سلطته بالتصرف من الموكل، وقد أمر بالدفع إلى فلان، فلا يملك الدفع إلى غيره، كمن أوصى لزيد بكذا، ليس للوصي الدفع إلى غيره.
ثالثاً ـ شرط المال المؤدى: يشترط أن يكون المؤدى مالاً متقوماً على الإطلاق، سواء أكان عند الحنفية (١) منصوصاً عليه أم لا، من جنس المال الذي وجبت فيه الزكاة أم من غير جنسه، والأصل عندهم أو القاعدة: أن كل مال يجوز التصدق به تطوعاً، يجوز أداء الزكاة منه، ومالا فلا. وعليه: لو أعطى الفقير سلعة من السلع كقماش أوخبز أوسكر أو سمن أو حذاء، ناوياً الزكاة صح. وعند غير الحنفية: يتعين أداء المنصوص عليه، وقد بحث الموضوع في إخراج القيمة في الزكاة.
رابعاً ـ نقل الزكاة لبلد آخر غير بلد المزكي: القاعدة العامة أن تفرَّق صدقة كل قوم فيهم، لحديث معاذ المتقدم: «خذها