للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولى وأفضل؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم للذي شهد عنده: «لو سترته بثوبك لكان خيراً لك» (١) وقوله عليه الصلاة والسلام: «من ستر مسلماً، ستره الله في الدنيا والآخرة» (٢) وقد عرفنا في الحدود أن الرسول عليه الصلاة والسلام لقن ماعزاً الرجوع عن الإقرار بقوله: «لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت» ففي هذا دلالة ظاهرة على أفضلية الستر.

لكن الأولى أن يقول الشاهد في السرقة: أخذ المال إحياء لحق المسروق منه، ولا يقول: سرق صوناً ليد السارق عن القطع، فيكون بهذا قد جمع بين الستر والإعلام أو الإظهار (٣).

[المطلب الثاني ـ شروط تحمل الشهادة]

تحمل الشهادة: عبارة عن فهم الحادثة وضبطها بالمعاينة أو بالسماع. ويشترط لتحمل الشهادة شروط ثلاثة عند الحنفية (٤).

أولها ـ أن يكون الشاهد عاقلا ً: فلا يصح تحمل الشهادة من المجنون والصبي الذي لايعقل؛ لأن التحمل يتطلب الفهم والإدراك، وهو يحصل بالعقل.


(١) الواقع أن الذي قال له النبي صلّى الله عليه وسلم هذا القول وهو «هزَّال» لم يشهد عنده بشيء، ولكنه هو الذي أشار على ما عز أن يأتي النبي صلّى الله عليه وسلم ويقر عنده، فلم يكن شاهداً؛ لأن ماعزاً حد بالإقرار، فقال النبي لهزال: «لو سترته بثوبك لكان خيراً لك» رواه أبو داود والنسائي والبزار وأحمد والطبراني عن نعيم ابن هزال (راجع نصب الراية: ٧٤/ ٤).
(٢) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: «ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة» ورواه الحاكم من طريقين، ورواه الترمذي عن ابن عمر، ورواه أبو نعيم عن مسلم بن مخلد مرفوعاً، ورواه ابن ماجه عن ابن عباس مرفوعاً (نصب الراية: ٣٠٧/ ٣، ٧٩/ ٤، تلخيص الحبير: ٦٦/ ٤).
(٣) فتح القدير، الدر المختار، المرجعان السابقان، اللباب: ٥٤/ ٤.
(٤) البدائع: ٢٦٦/ ٦، الدر المختار: ٣٨٥/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>