للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسبب في اعتباره حياً بالنسبة لماله هو استصحاب حال حياته التي كان عليها قبل الفقد، والأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يظهر خلافه بالدليل، فلا يورث؛ لأن شرط استحقاق الإرث تحقق موت المورث، وموته غير محقق.

وأما بالنسبة لإرثه من غيره:

فللفقهاء رأيان تبعاً لاختلافهم في حجية الاستصحاب:

فيرى جمهور الحنفية (١): أن المفقود لا تثبت له حقوق إيجابية من غيره، كالإرث والوصية من الآخرين، لا يرث من غيره ولا تثبت له الوصية من غيره؛ لأن الاستصحاب عندهم حجة للدفع لا للإثبات، أي أنه يصلح لأن يدفع به من ادعى تغير الحال، لا بقاء الأمر على ما كان، فاستصحاب حياته يفيده فقط في دفع ما يترتب على وفاته من اقتسام ماله بين الورثة، ومن فراق زوجته، وهذا هو الحق السلبي، ولا يفيده في انتقال ملكية الغير له، وهذا هو الحق الإيجابي، وبإيجاز يصلح الاستصحاب لدفع ملكية غيره لأمواله، لا لإثبات ملكيته من غيره. وعلى هذا فإنه لا يرث ولا وصية له؛ لأن شرط استحقاق الإرث والوصية ثبوت حياة الوارث والموصى له عند موت المورث والموصي، وحياة المفقود غير محققة، بل هناك احتمال أن يكون ميتاً، فهو لا يرث ولا يورث.

ويرى جمهور المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية والشيعة الإمامية (٢): أن المفقود يرث من غيره، وإن لم يورث؛ لأن استصحاب الحال حجة مطلقاً للدفع


(١) أصول السرخسي: ٢٢٥/ ٢، مرآة الأصول: ٣٦٧/ ٢، كشف الأسرار: ص ١٠٩٨.
(٢) مختصر ابن الحاجب: ص ٢١٧، مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول للتلمساني المالكي: ص ١٨٩، الإبهاج للسبكي: ١١١/ ٣، شرح المحلي على جمع الجوامع: ٢٨٥/ ٢، المدخل إلى مذهب أحمد: ص ١٣٣، شرح روضة الناظر: ٣٨٩/ ١، الإحكام لابن حزم: ٥٩٠/ ٥، محمد تقي الحكيم: ص ٤٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>