للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو حنيفة والحنابلة: إنهم أهل كتاب، فيجوز للمسلم الزواج بالصابئات؛ لأن الصابئة قوم يؤمنون بكتاب، فإنهم يقرؤون الزبور، ولا يعبدون الكواكب، ولكن يعظمونها كتعظيم المسلمين الكعبة في الاستقبال إليها، ولكنهم يخالفون غيرهم من أهل الكتاب في بعض دياناتهم، وهذا لا يمنع الزواج كاليهود مع النصارى.

وقال الصاحبان: لا يجوز الزواج بهن؛ لأن الصابئة قوم يعبدون الكواكب، وعابد الكواكب كعابد الوثن، فلا يجوز للمسلمين مناكحتهم.

وقيل: ليس هذا باختلاف في الحقيقة، وإنما الاختلاف لاشتباه مذهبهم. لذا من اعتبر الصابئة من عبدة الأوثان: وهم الذين يعبدون الكواكب، حرم مناكحتهم. ومن فهم أن منا كحتهم حلال، فهم أن لهم كتاباً يؤمنون به.

وهذا هو الحق ويتفق مع رأي الشافعية القائلين: إن خالفت السامرة اليهود، والصابئون النصارى في أصل دينهم، حَرُمن، وإلا فلا، أي إن وافقت السامرة اليهود، والصابئة النصارى في أصل دينهم حلت. وهذا هو ما قرره القدوري في الكتاب، وهو حجة لدى الحنفية، فقال: يجوز تزوج الصابئيات إذا كانوا يؤمنون بنبي ويقرون بكتاب، وإن كانوا يعبدون الكواكب، ولا كتاب لهم، لم تجز مناكحتهم (١).

المتولد من وثني وكتابية: إذا كان أحد أبوي الكافرة كتابياً والآخر وثنياً، لم يحل نكاحها؛ لأنها ليست كتابية خالصة، ولأنها مولودة بين من يحل وبين من لا يحل، فلم تحل، تغليباً للتحريم؛ لأنه إذا اجتمع الحلال والحرام، غلب الحرام الحلال (٢).


(١) اللباب: ٧/ ٣.
(٢) مغني المحتاج: ١٨٩/ ٣، المغني: ٥٩٢/ ٦، المهذب: ٤٤/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>