إن تيقن الخطأ في اجتهاده، فقال الحنفية: إن كان في الصلاة استدار وبنى عليها أي أكمل صلاته، فلو صلى كل ركعة لجهة، جاز. وإن كان بعد الصلاة صلى الصلاة القادمة، ولا إعادة عليه لما مضى، لإتيانه بما في وسعه، قال علي:«قبلة المتحري جهة قصده» ومن صلى بلا تحرٍ وأصاب، لم تصح صلاته، لتركه فرض التحري، إلا إذا علم إصابته بعد فراغه، فلا يعيد بالاتفاق عندهم.
ومن أمَّ قوماً في ليلة مظلمة، فتحرى القبلة وصلى إلى جهة أخرى، وتحرى من خلفه، وصلى كل واحد منهم إلى جهة، وكلهم خلف الإمام، فمن علم منهم بحال إمامه تفسد صلاته، ومن لم يعلم ما صنع الإمام، صحت صلاته وأجزأه، لوجود التوجه إلى جهة التحري، ومخالفة المأمومين لإمامهم لا تمنع صحة الصلاة، كالصلاة في جوف الكعبة.
وقال المالكية: إن تبين المجتهد في القبلة خطأ: يقيناً أو ظناً، في أثناء الصلاة، قطعها إن كان بصيراً منحرفاً كثيراً، بأن استدبر أو شرّق أو غرب، وابتدأها بإقامة، ولا يكفي تحوله لجهة القبلة.
وإن كان أعمى، أو كان منحرفاً انحرافاً يسيراً، فلا إعادة عليه. وإن كان بصيراً منحرفاً كثيراً أو ناسياً للجهة التي أداه اجتهاده إليها، أو التي دله عليها العارف، أعاد في الوقت على المشهور.
وقال الشافعية: إن تيقن الخطأ في الصلاة أوبعدها، استأنفها أي أعادها من جديد؛ لأنه تعين له يقين الخطأ فيما يأمن مثله في القضاء، فلم يعتد بما مضى، كالحاكم إذا حكم ثم وجد النص بخلافه.