العقود وتقييد الناس بها، فكل موضوع لم يمنعه الشرع ولا تقتضي قواعد الشريعة وأصولها منعه جاز التعاقد عليه، على أن تراعى شرائط انعقاد العقود كالأهلية والصيغة وقابلية المحل لحكم العقد.
[الثانية ـ حرية الاشتراط وترتيب آثار العقود والقوة الملزمة للعقد]
اتفق الفقهاء على أن العقد المستكمل لأركانه وشرائطه يتمتع بالقوة الإلزامية أي أن كل عقد باشره الإنسان بإرادته الحرة ملزم له بنتائجه، ومقيد لإرادته؛ لقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}[المائدة:١/ ٥] وقوله: {وأوفوا بالعهد، إن العهد كان مسؤولاً}[الإسراء:٣٤/ ١٧].
واتفق الفقهاء أيضاً على أن ترتيب آثار العقود هي في الأصل من عمل الشارع، لا من عمل المتعاقدين. فإرادة المتعاقدين هي التي تنشئ العقد، ولكن الشريعة هي التي ترتب ما لكل عقد من حكم وآثار، ويقول الفقهاء: إن العقود أسباب «جعلية شرعية» لآثارها، أي أن الرابطة بين العقد وآثاره باعتبار أن أحدهما مسبب والآخر سبب ليست رابطة آلية طبيعية عقلية، وإنما هي رابطة جعلها الشارع بينهما، حتى لا يبغي بعض الناس على بعض بما يشترطون من شروط، وحتى يكون لكل تصرف حكمه من المشرع الحكيم.
فإرادة الإنسان مقصورة على إنشاء العقد فقط كعقد البيع، وأما ما يترتب على العقد من آثار كنقل ملكية المبيع إلى المشتري واستحقاق الثمن في ذمة المشتري للبائع، فمتروك لتقدير الشرع.
وتستمد إرادة العاقدين سلطانها من الشرع بالحدود التي حددها لكل عقد، فقد تكون حدود الشرع محققة لحاجةالعاقدين، فلا يحتاجان إلى اشتراط شروط