الفَصْلُ الرّابع عَشَر: الإِبراء فيه ستة مباحث تشمل تعريف الإبراء ومشروعيته، وأركانه، وشروطه ومحله، وأنواعه، وحكمه.
المبحث الأول ـ تعريف الإبراء ومشروعيته: الإبراء لغة: التنزيه والتخليص والمباعدة عن الشيء. وفقهاً: هو إسقاط شخص حقاً له في ذمة آخر أو قِبَله، كإسقاط الدائن دينه الذي له في ذمة المدين. فإذا لم يكن الحق في ذمة شخص، كحق الشفعة، وحق السكنى الموصى به، فلا يعتبر التنازل عنه أو تركه إبراء، بل هو إسقاط محض، وعليه يكون كل إبراء إسقاطاً، وليس كل إسقاط إبراء.
والإبراء وإن تضمن معنى الإسقاط، ففيه معنى آخر وهو التمليك فهو إسقاط من الدين، وتمليك للمدين. وقد رجح كل مذهب أحد المعنيين.
الحنفية رجحوا معنى الإسقاط مع بقاء معنى التمليك، ورتبوا عليه عدم صحة الإبراء عن الأعيان؛ لأنه إسقاط، وملكية الأعيان لا تقبل الإسقاط، فلو أسقط أحد ملكيته عن شيء مملوك له، لا تسقط ويبقى ملكاً له، ولا يصح الإبراء عن المبيع؛ لأنه إسقاط، وإسقاط العين لا يصح، والإبراء عن العين المغصوبة لا يكون سبباً لملكها، وإنما يكون إبراء عن ضمانها، وتصير أمانة في يد الغاصب.