بقول أبي يوسف وأبي حنيفة وهو أن المسجد لا يعود ميراثاً ولا يجوز نقله ونقل ماله إلى مسجد آخر، أي لا تعود عندهما الأنقاض للواقف أو ورثته عند إمكان البيع.
وإذا وقف الواقف وقفين على المسجد، أحدهما على العمارة، والآخر إلى إمامه أو مؤذنه، فللحاكم إذا قل المخصص للإمام ونحوه أن يصرف من فاضل وقف المصالح والعمارة إلى الإمام والمؤذن باستصواب أهل الصلاح من أهل المحلة، إن كان الوقف متحداً؛ لأن غرضه إحياء وقفه، وهو يحصل بهذا النقل؛ لأنهما حينئذ كشيء واحد. ففي حال اتحاد الواقف والجهة يجوز المناقلة.
وإن اختلف أحدهما (الواقف والجهة) بأن بنى رجلان مسجدين أو رجل مسجداً ومدرسة، ووقف عليهما أوقافاًً، لا يجوز للحاكم نقل مخصص أحدهما للآخر.
بيع أنقاض المسجد ونحوه: إذا انهدم وقف، ولم يكن له شيء يعمر منه، ولا أمكن إجارته ولا تعميره، ولم تبق إلا أنقاضه من حجر وطوب وخشب، صح بيعه بأمر الحاكم، ويشترى بثمنه وقف مكانه، فإذا لم يمكن الشراء، رده إلى ورثة الواقف إن وجدوا، وإن لم يوجدوا يصرف للفقراء. والبيع بإذن القاضي وصرف ثمنه إلى بعض المساجد مبني على قول لأبي يوسف في رواية ثانية عنه، والرد إلى الورثة أو إلى الفقراء على قول محمد، وهو جمع حسن، حاصله أنه يعمل بقول أبي يوسف حيث أمكن، وإلا فبقول محمد.
والخلاصة: الاتجاه في الفتوى عند مشايخ الحنفية بيع الأنقاض وصرف ثمنها إلى مسجد آخر أو رباط آخر؛ لأن غرض الواقف انتفاع الناس بالموقوف، وكيلا يأخذها المتغلبون.