للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشغولة بالدين حتى يوفى عنه لحديث: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه» (١). وأما إضرار صاحب الدين (الدائن) فيتأخر حقه، وقد تتلف العين، فيسقط حقه، وأما إضرار الوراثة فإنهم لا ينتفعون بأعيان التركة ولا يتصرفون فيها.

ولأن الموت ما جعل مبطلاً للحقوق، وإنما هو ميقات للخلافة وعلامة على الوراثة، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «من ترك حقاً أو مالاً فلورثته» (٢).

٢ً - كيفية تعلق الدين بالتركة: يرى أغلب العلماء (٣) أن الدين يبقى في ذمة الميت كما كان، ويتعلق بعين ماله كتعلق حقوق الغرماء بمال المفلس عند الحجر عليه، أو كتعلق الدين بالمرهون؛ لأنه أحوط للميت، إذ يمتنع على الورثة تصرفهم بأموال التركة قبل قضاء الديون. والأصح عند الشافعية أن يستوي الدين المستغرق وغيره في رهن التركة، فلا ينفذ تصرف الوارث في شيء منها.

وبناء عليه لو باع رجل سلعة ثم مات المشتري قبل أداء الثمن، يكون البائع أحق بسلعته عند الشافعية، كما في حال الإفلاس. ودليلهم رواية ابن أبي ذئب بسنده عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أيما رجل مات، أو أفلس، فصاحب المتاع أحق به».

وقال الحنابلة والحنفية والمالكية (٤): صاحب المتاع أسوة الغرماء بدليل رواية


(١) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة، وهو حديث صحيح.
(٢) رواه أحمد وابن ماجه عن أبي كريمة (الجامع الكبير: ١٧٨/ ٣).
(٣) شرح السراجية: ص ٤ ومابعدها، بداية المجتهد: ٢٨٤/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٣١٩ ومابعدها، مغني المحتاج: ١٤٤/ ٢ ومابعدها، المغني: ٤٣٦/ ٤، المهذب: ٣٢٧/ ١.
(٤) هذا ما ذكره ابن رشد في بداية المجتهد: إذ فرق بين الإفلاس والموت، ففي الأول: صاحب المتاع أحق وفي الثاني: هو أسوة الغرماء. وأما صاحب القوانين فقد سوى بينهما في حالة كون السلعة باقية، فإن تلفت فصاحب المتاع أسوة الغرماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>