ومنها قوله عليه السلام:«إن العبد إذا تصدَّق من طيِّب، تقبلها الله منه، وأخذها بيمينه، فرباها كما يُربِّي مُهْره أو فصيله، وإن الرجل ليتصدق بالُّلقْمة فتربُو في يد الله، أو في كف الله، حتى تكون مثل الجبل، فتصدقوا»(١) وقد تصبح الصدقة حراماً: كأن يعلم أن آخذها يصرفها في معصية. وقد تجب الصدقة: كأن وجد مضطراً، ومعه ما يطعمه فاضلاً عن حاجته.
ثانياً ـ الإسرار بها ودفعها في رمضان: صدقة السر أفضل من صدقة العلانية أو الجهر، فالأفضل الإسرار بصدقة التطوع بخلاف الزكاة، لقوله تعالى:{إن تبدوا الصدقات فنعمَّا هي، وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم، ويكفر عنكم من سيئاتكم}[البقرة:٢٧١/ ٢]، ولما في الصحيحين عن أبي هريرة في خبر السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله:«ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» وروى الطبراني في الصغير: «صدقة السر تطفئ غضب الرب».
ودفعها في رمضان أفضل من دفعها في غيره، لما رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه:«سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أي الصدقة أفضل؟ قال: صدقة في رمضان» ولأن الفقراء فيه يضعفون ويعجزون عن الكسب بسبب الصوم، ولأن الحسنات تضاعف فيه.
وتتأكد في الأيام الفاضلة كعشر ذي الحجة وأيام العيد، وكذا في الأماكن
(١) رواه ابن خزيمة عن أبي هريرة، ورواية البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ «من تصدَّق بعِدْل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربِّيها، لصاحبها، كما يربِّي أحدكم فَلُوَّه حتى تكون مثل الجبل» وعدل: مقدار، والأخذ باليمين معناه القبول والرضا، والمهر: هو الفلو، والفصيل: هو ولد الناقة إذا فطم. والله طيب: أي منزه عن النقائض.