للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وإن كان الحالف مقتدياً: فكذلك لا يحنث عند أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لأن المقتدي لا يصير خارجاً عن الصلاة بسلام الإمام عندهما.

وقال محمد: يحنث لأن المقتدي يصير خارجاً عن صلاته بسلام الإمام عنده، فقد تكلم كلاماً خارج الصلاة مع فلان، فيحنث.

ولو حلف لا يكلم فلاناً، فكتب إليه كتاباً، فانتهى الكتاب إليه، أو أرسل إليه رسولاً، فبلغ الرسالة إليه، أو أشار إليه بالإصبع: لا يحنث؛ لأن هذا ليس بكلام، وذلك باتفاق الحنفية، والشافعية في الجديد. وقال الحنابلة والمالكية على الراجح: يحنث إلا أن يكون أراد ألا يشافهه (١).

الحلف على عدم التكلم: من حلف لا يتكلم اليوم، فقرأ القرآن، أو صلى، أو سبح: لم يحنث، استحساناً، ومثله التهليل والتكبير، وهو يتناول القراءة والتسبيح في الصلاة وخارجها؛ لأن هذا لا يسمى كلاماً عرفاً، أما في الصلاة فليس بكلام عرفاً ولا شرعاً، قال عليه الصلاة والسلام: «إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، وإنما هي التهليل والتسبيح وقراءة القرآن» (٢) وقوله صلّى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث ألا نتكلم في الصلاة» (٣)، ولأن الكلام مفسد، ولو كانت هذه الأشياء من كلام الناس لأفسدت.


(١) البدائع، المرجع السابق: ص ٤٨، تبيين الحقائق، المرجع السابق، القوانين الفقهية: ص ١٦٤، مغني المحتاج: ٣٤٥/ ٤. المغني: ٨٢٠/ ٨، الشرح الكبير: ١٤٦/ ٢.
(٢) رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود وابن حبان والبيهقي والطبراني عن معاوية بن الحكم السلمي (نصب الراية: ٢ ص ٦٦، نيل الأوطار: ٢ ص ٣١٥).
(٣) رواه أحمد والنسائي وأبو داود وابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود (انظر نيل الأوطار، المرجع السابق: ص ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>