والحلق شرط أيضاً عند المالكية، وليس بشرط للتحلل، وإنما يحل المحصر بالذبح بدون الحلق في قول أبي حنيفة ومحمد، لإطلاق نص الآية السابقة:{فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي}[البقرة:١٩٦/ ٢] فمن أوجب الحلق فقد جعله بعض الموجب، وهذا خلاف النص، ولأن الحلق للتحلل عن أفعال الحج، والمحصر لا يأتي بأفعال الحج، فلا حلق عليه، والحديث في الحلق بالحديبية محمول على الندب والاستحسان.
وقال المالكية: المحصر بعدو أو فتنة في حج أو عمرة يتربص ما رجا كشف ذلك، فإذا يئس تحلل بموضعه حيث كان من الحرم وغيره، ولا هدي أو دم عليه. فإن كان معه هدي نحره وتحلل بالنية والحلق بشرطين: أولهما ـ إن لم يعلم بالمانع عند إرادة إحرامه. وثانيهما ـ أن ييأس من زوال المانع قبل الوقوف بعرفة، والمعتمد عند أشياخ المالكية أنه لا يتحلل إلا بحيث لو سار إلى عرفة من مكانه، لم يدرك الوقوف، فإن علم أو ظن أو شك أنه يزول المانع قبل الوقوف، فلا يتحلل حتى يفوت، فإن فات الوقوف فعل عمرة.
وأما مكان ذبح الهدي عند الحنفية: فهو الحرم، لقوله تعالى:{ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله}[البقرة:٢/ ١٩٦] ولو كان كل موضع محلاً له، لم يكن لذكر المحل فائدة، ولأنه عز وجل قال:{ثم مَحِلّها إلى البيت العتيق}[الحج:٣٣/ ٢٢] أي إلى البقعة التي فيها البيت. فلا يجوز عندهم ذبح دم الإحصار إلا في الحرم، فيبعث شاة تذبح في الحرم، ويواعد من يحملها يوماً بعينه يذبحها فيه، ثم يتحلل، أي يحل له ما كان محظوراً. ويجوز للمحصر بالعمرة أن يذبح متى شاء. أما الصدقة والصوم فيجزيان في أي مكان شاء.
وأما زمان ذبح الهدي: فيجوز عند أبي حنيفة ذبح الهدي قبل يوم النحر،