للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرع الثاني ـ الاعتراف وأنواعه ونتائجها في المجال الدولي]

[ماهية مبدأ الاعتراف ومسوغاته]

٣١ - إن تنظيم المجتمع الدولي الحاضر تنظيم حديث لم يكن على هذا النحو وقت ظهور الإسلام وفي عصور دوله المتتابعة كما هو معروف، لذا كان مرجع تفصيل الأحكام الدولية إلى القانون الدولي العام، إلا أن المبادئ الأصلية والأخلاق الدولية السائدة مقررة بوضوح في الإسلام.

فمن أنظمة القانون الدولي الحديث التي يشترطها لنشوء الدولة بعد استكمال عناصرها المادية المكونة لها هو إصدار اعتراف دولي بوجودها، والاعتراف بالدولة هو من جملة الأحكام السلمية في العلاقات الدولية.

وبما أن الإسلام ينشد في الحقيقة الوصول إلى سلم مستقرة في علاقاته مع الشعوب الأخرى على أساس أحد أمرين: إما الدخول في الإسلام، أو المعاهدة والأمان، فإن الاعتراف بوجود الدولة الأخرى غير المسلمة (دارا لحرب) أمر لا مانع منه استصلاحاً في مبدأ الإسلام وفقهه المتمثل في تقسيم العالم إلى دارين: دار إسلام ودار حرب، لأن دار الحرب تشمل كل الدول غير المسلمة التي كانت في الأصل غير مسالمة للمسلمين ولا متعاهدة معهم، فإذا تمت المعاهدة السلمية بين الدولة الإسلامية وغيرها من دول دار الحرب، أو التزمت هذه الدول كلها ميثاقاً واحداً ينص على احترام السلم والأمن الدوليين، وتحريم التدخل في شؤون الدول الأخرى كان ذلك اعترافاً ضمنياً من الدولة الإسلامية بغيرها، فضلاً عن أن الاعتراف يصدر في الغالب صراحة بإرادة حرة.

وهذا موافق لقوله تعالى: {وإن جنحوا للسَّلم فاجنح لها وتوكل على الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>