وهي واجبة على الترتيب، فالإعتاق أولاً، فإن لم يكن بأن عجز عنه فالصيام، فإن لم يكن بسبب العجز عنه فالإطعام، والمعتبر في العجز عند الجمهور: وقت الأداء. وعند الحنابلة وقت الحنث.
أما إعتاق الرقبة (١): فهي الواجب الأول على المظاهر القادر على الإعتاق لا يجزئه غيره بالاتفاق، لقوله تعالى:{والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا: فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا}[المجادلة:٣/ ٥٨] ولقول النبي صلّى الله عليه وسلم لأوس بن الصامت حين ظاهر من امرأته في الحديث المتقدم: «يعتق رقبة، قلت: لا يجد، قال: فيصوم» وقوله لسلمة بن صخر مثل ذلك. فمن وجد رقبة يستغني عنها، أو وجد ثمنها فاضلاً عن حاجته، ووجدها به، لم يجزئه إلا الإعتاق.
واتفق الفقهاء أيضاً على أنه لا يجزئه رقبة سالمة من العيوب الضارة بالعمل ضرراً بيِّناً؛ لأن المقصود تمليك العبد منافع نفسه، وتمكينه من التصرف لنفسه، ولا يحصل هذا مع ما يضر بالعمل ضرراً واضحاً، فلا يجزئ الأعمى، ولا المقعد، ولا المقطوع اليدين أو الرجلين، لفوات جنس المنفعة، فيكون المعتق هالكاً حكماً، إذ لا يتهيأ له كثير من العمل مع تلف هذه الأعضاء. ولا يجزئ المجنون جنوناً مطبقاً؛ لأنه وجد فيه المعنيان: ذهاب منفعة الجنس، وحصول الضرر بالعمل.
(١) الدر المختار: ٧٩٦/ ٢ وما بعدها، فتح القدير: ٢٣٣/ ٣ - ٢٣٦، اللباب: ٧٠/ ٣، الشرح الصغير: ٦٤٥/ ٢ - ٦٤٩، بداية المجتهد: ١١٠/ ٢ ومابعدها، القوانين الفقهية: ص ٢٤٣، مغني المحتاج: ٣٦٠/ ٣ وما بعدها، المهذب: ١١٤/ ٢ وما بعدها، المغني: ٣٥٩/ ٧ - ٣٦٢، كشاف القناع: ٤٣٨/ ٥ - ٤٤٢.