٢ً - أن يكون المشترى قوتاً أي من الحبوب المقتاتة ونحوها؛ لأنه مما تعم الحاجة إليه. أما الإدام والحلواء والعسل والزيت وأعلاف البهائم، فليس فيها احتكار محرم.
٣ً - أن يُضيَّق على الناس بشرائه بأمرين: أحدهما ـ بأن يكون في بلد يضيق بأهله الاحتكار، كالحرمين والثغور، أما البلاد الواسعة الكثيرة المرافق والجلب كبغداد ودمشق ومصر، فلا يحرم فيها الاحتكار؛ لأن ذلك لا يؤثر فيها غالباً.
والثاني ـ أن يكون في حال الضيق: بأن يدخل البلد قافلة فيبادر ذوو الأموال لشرائها، ويضيقون على الناس، وفي هذا لا فرق بين البلد الصغير والكبير. أما الشراء في حال الاتساع والرخص على وجه لا يضيق على أحد، فليس بمحرم.
متى يتحقق الاحتكار وما نوع المحتكَر؟ يظهر من تعاريف الفقهاء للاحتكار: أنهم اتفقوا على أن الاحتكار يكون في حال الضيق والضرورة لا في وقت السعة، وفي البلد الصغير عادة، ومن طريق الشراء والامتناع عن البيع مما يضر بالناس؛ لأن في الحبس ضرراً بالمسلمين. ولا يكون محتكراً بحبس غلة أرضه بلا خلاف لأنه خالص حقه، ولا ما جلبه من بلد آخر؛ لأن حق الناس بالموجود في البلد، والمختار عند الحنفية قول محمد وهو إن كان يجلب منه عادة كره تحريماً حبسه؛ لأن حق الناس تعلق به.
واتفق الفقهاء أيضاً على أن الاحتكار حرام في كل وقت في الأقوات أو طعام الإنسان، مثل الحنطة والشعير والذرة والأرز، والتين والعنب والتمر والزبيب واللوز ونحوها مما يقوم به البدن، لا العسل والسمن، واللحم والفاكهة.
وكذلك يحرم الاحتكار عند الحنفية والشافعية والحنابلة في طعام البهائم كتبن وفصفصة وهي الرطبة من علف الدواب.