للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مبني عل العرف، فإن من خرج من الدار، وأهله ومتاعه فيها لا يعد خارجاً من الدار، ومن خرج من البلد يعد خارجاً منها، وإن كان أهله ومتاعه فيها (١). وهذا هو مذهب الحنابلة أيضاً (٢)، فالحلف على الخروج يقتضي الخروج بنفسه وأهله، كما لو حلف لا يسكنها. أما من حلف على الخروج من هذه البلدة، فتتناول يمينه عند الحنابلة الخروج بنفسه؛ لأن الدار يخرج منها صاحبها عادة في اليوم مرات، فظاهر حاله أنه لم يرد الخروج المعتاد، أما الخروج من البلد فهو بخلاف ذلك.

وقال الشافعية: يتحقق معنى الخروج بأن يخرج الحالف بنفسه بنية الانتقال، لأنه المحلوف عليه، ولا يضر بقاء أهله ومتاعه (٣).

ويترتب على مذهب الحنفية ما يأتي (٤):

الحلف على الخروج من البيت: لو قال رجل لامرأته: (إن خرجت من البيت فأنت طالق) فخرجت من البيت إلى صحن الدار، حنث، لأنه نوى ما يحتمله لفظه: وهو الانتقال من داخل الشيء إلى خارجه، ولأن البيت غير الدار، لأن البيت اسم لمسقف واحد، والدار اسم لحدود يجمع البيوت والمنازل، وبناء عليه إذا قال: (إن دخل فلان بيتك) فدخل صحن دارها، دون بيتها، لم يحنث.

والحكم في هذين المثالين مبني على عرف الذين كانوا في عصر المجتهدين،


(١) البدائع: ٣ ص ٤٢، فتح القدير: ٤ ص ٣٨، الدر المختار: ٣ ص ٨٥، الفتاوى الهندية: ٢ ص ٦٩، ٧٣.
(٢) المغني: ٨ ص ٧٧٠.
(٣) مغني المحتاج: ٤ ص ٣٢٩.
(٤) انظر البدائع: ٣ ص ٤٢ ومابعدها، المبسوط: ٨ ص ١٧٣ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>