الموصى به وهو هلاك العين الموصى بها أو استحقاقها. وهذه الأسباب مايلي (١):
١ً - زوال أهلية الموصي بالجنون المطبق ونحوه: تبطل الوصية عند الحنفية بالجنون المطبق ونحوه كالعته، سواء اتصل بالموت أو لم يتصل بأن أفاق قبل الموت؛ لأن الوصية عقد غير لازم كالوكالة، فيكون لبقائه حكم ابتدائه، ولما كان المجنون غير أهل لإنشاء الوصية في الابتداء؛ لأن قوله غير ملزم، كان طروء الجنون المطبق مبطلاً له.
والجنون المطبق: ما دام شهراً فأكثر، وهو رأي أبي يوسف الذي أخذ به القانون. وعند محمد: هو ما امتد سنة. والعته مثل الجنون. فإن لم يطبق الجنون لا تبطل الوصية؛ لأنه في هذه الحالة يشبه الإغماء، وغير مبطل للعقد؛ لأنه غير مزيل للعقل، كما لا تبطل بالحجر على الموصي للسفه أو الغفلة.
أخذ القانون المصري (م ١٤، ١٦) والسوري (م ٢٢٠/أ) بتلك الأحكام، لكنه اعتبر الجنون المطبق مبطلاً إذا اتصل بالموت.
أما الجمهور غير الحنفية: فلم يبطلوا الوصية بالجنون، سواء أكان مطبقاً أم لا، وسواء اتصل بالموت أو لم يتصل، متى كان كامل الأهلية (بالغاً عاقلاً) وقت إنشائها؛ لأن العقود والتصرفات تعتمد في صحتها على تحقق الأهلية وقت إنشائها فقط، ولا يؤثر زوالها بعدئذ في صحة العقد أو التصرف، بدليل أن البيع والإجارة والوقف وغيرها لا تبطل بالجنون الطارئ. وهذا هو الراجح لدي؛ لأن كمال الأهلية يطلب عند الانعقاد. أما احتمال رجوع الموصي عن الوصية لولا جنونه فهو احتمال ضعيف.