للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبان الحنابلة أنه يستحب أن يحج الإنسان عن أبويه إذا كانا ميتين أو عاجزين؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر أبا رزين فقال: «حج عن أبيك واعتمر» و «سألت امرأة رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن أبيها مات ولم يحج، فقال: حج عن أبيك» وعن جابر: «من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرماً، بعث يوم القيامة مع الأبرار». (١)

ويستحب البداءة بالحج عن الأم إن كان تطوعاً أو واجباً عليهما؛ لأن الأم مقدمة في البر، قال أبو هريرة: «جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أُمُّك، قال: ثم من؟ قال: أُمُّك، قال: ثم من؟ قال: أمُّك، قال: ثم من؟ قال: أبوك» (٢). وإن كان الحج واجباً على الأب دون الأم، بدأ به؛ لأنه واجب، فكان أولى من التطوع.

وقال الحنفية: من أهل بحجة عن أبويه، يجزيه أن يجعله عن أحدهما؛ لأن من حج عن غيره بغير إذنه، يجعل ثواب حجه له بعد أداء الحج، فلغت نيته قبل أدائه، وصح جعل ثوابه لأحدهما بعد الأداء، بخلاف المأمور بالحج، كما تقدم.

١٠ - أهلية النائب لصحة الحج: بأن يكون مكلفاً (بالغاً عاقلاً) بالاتفاق وأجاز الحنفية كون النائب مميزاً (مراهقاً) فلا يصح عندهم إحجاج صبي غير مميز.

حج الصَّرُورة: الصرورة: من لم يحج عن نفسه، أجاز الحنفية مع الكراهة التحريمية حج الصرورة ولم يشترطوا أن يكون النائب قد حج عن نفسه، عملاً بإطلاق حديث الخثعمية: «حجي عن أبيك» من غير استفسار عن سبقها الحج عن نفسها، وترك الاستفصال في وقائع الأحوال ينزل منزلة عموم المقال أو الخطاب.

أما سبب الكراهة فهو أنه تارك فرض الحج.


(١) روى الدارقطني كل تلك الأحاديث.
(٢) رواه مسلم والبخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>