وكذلك قال المالكية: يكره الحج عن غيره أي في حالة الوصية بالحج قبل أن يحج عن نفسه، بناء على أن الحج واجب على التراخي، وإلا منع على القول بأنه على الفور وهو المعتمد عندهم.
وقال الشافعية والحنابلة: لا يصح الحج عن الغير ما لم يكن النائب قد حج عن نفسه حجة الإسلام، للحديث السابق الذي أمر به النبي صلّى الله عليه وسلم رجلاً يلبي عن شبرمة، فقال له:«حج عن نفسك، ثم عن شبرمة» ويحمل ترك الاستفصال في حديث الخثعمية على علمه عليه السلام بأنها حجت عن نفسها أولاً، وإن لم يرو لنا طريق علمه بذلك، جمعاً بين الأدلة كلها، كما قال الكمال بن الهمام.
ويؤيده حديث آخر:«لا صرورة في الإسلام»(١).
كذلك لا يجوز أن يتنفل بالحج والعمرة، وعليه فرضهما، ولا يحج ولا يعتمر عن النذر، وعليه فرض حجة الإسلام؛ لأن النفل والنذر أضعف من حجة الإسلام، فلا يجوز تقديمهما عليها، كحج غيره على حجه. فإن أحرم عن غيره، وعليه فرضه، انعقد إحرامه لنفسه عما عليه، للرواية السابقة عن ابن عباس:«أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لمن يحج عن شبرمة: حججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: فاجعل هذه عن نفسك، ثم احجج عن شبرمة».
وعليه لو اجتمع على إنسان حجة الإسلام وقضاء ونذر، قدمت حجة الإسلام، ثم القضاء ثم النذر، ولو أحرم بغيرها وقع عنها، لا عما نوى.
١١ - أن يحج النائب راكباً؛ لأن المفروض عليه هو الحج راكباً، فينصرف
(١) رواه أبو داود بإسناد صحيح، بعضه على شرط مسلم، وباقيه على شرطه البخاري، قال الشافعي: أكره أن يسمى من لم يحج صرورة. وسمي صرورة؛ لأنه صرّ بنفسه عن إخراجها في الحج. وكذلك قال الحنابلة: تكره تسمية من لم يحج صرورة، للحديث المذكور: «لا صرورة في الإسلام».