صاحبه فيهدر النصف، وينقسم الضمان عليهما، ويهدر النصف الآخر بسبب فعل كل واحد في حق نفسه. وعند الشافعية يجب نصف الدية مغلظة على عاقلة كل منهما لورثة الآخر؛ لأن القتل شبه عمد؛ إذ الغالب أن الاصطدام لا يفضي إلى الموت، فلا يتحقق فيه العمد المحض، فلا يتعلق به القصاص. فإن حدث التصادم بين السفينتين دون تفريط، وإنما بقوة قاهرة كريح شديدة عصفت، فلا ضمان على أحد.
أما إذا كان المخطئ أحد المتصادمين، كان الضمان عليه باتفاق الفقهاء، كما لو صدم الماشي واقفاً، فالضمان على الماشي؛ لأنه هو المتسبب، ولو صدمت سفينة جائية سفينة واقفة، كان الضمان على صاحب السفينة الجائية إذا لم تكن الواقفة متعدية في وقوفها.
[المبحث الثاني ـ جناية الحائط المائل ونحوه مما يحدثه الرجل في الطريق ـ سقوط البناء أو الجدار]
يجب في الجملة في حالة سقوط البناء الضمان على المتسبب في إحداث الضرر، إما لأنه يمكن الاحتراز عنه، أو بسبب تقصيره وإهماله. وإذا حدث موت، فالدية تجب على عاقلة مالك البناء، لأنه متسبب. لكن لا تجب عليه الكفارة ولا يحرم من الميراث والوصية عند الحنفية، كما هو المقرر عندهم في حالة القتل بالتسبب، وعلى هذا إذا كانت الجناية على نفس فالواجب هو الدية، وإذا كانت على ما دون النفس فالواجب بها الأرش على العاقلة إن بلغ عند الحنفية نصف عشر دية الرجل وعشر دية الأنثى. وإن كانت الجناية على المال فيجب التعويض في مال المتسبب.