للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما هلال شوال: فيثبت برؤية الجماعة الكثيرة التي يؤمن تواطؤها على الكذب ويفيد خبرها العلم أو برؤية العدلين كما هو الشأن في إثبات هلال رمضان.

ولا يثبت الهلال بقول منجّم أي حاسب يحسب سير القمر، لا في حق نفسه ولا غيره؛ لأن الشارع أناط الصوم والفطر والحج برؤية الهلال، لا بوجوده إن فرض صحة قوله، فالعمل بالمراصد الفلكية وإن كانت صحيحة لا يجوز، ولايطلب شرعاً، كما تقدم.

وقال الشافعية (١): تثبت رؤية الهلال لرمضان أو شوال أو غيرهما بالنسبة إلى عموم الناس برؤية شخص عدل، ولو مستور الحال، سواء أكانت السماء مصحية أم لا، بشرط أن يكون الرائي عدلاً مسلماً بالغاً عاقلاً حراً ذكراً، وأن يأتي بلفظ «أشهد» فلا تثبت برؤية الفاسق والصبي والمجنون والعبد والمرأة. ودليلهم: أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رأى الهلال، فأخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بذلك، فصام وأمر الناس بصيامه (٢). وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «جاء أعرابي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت هلال رمضان، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم، قال: تشهد أن محمداً رسول الله؟ قال: نعم، قال: يا بلال، أذن في الناس، فليصوموا غداً» (٣) والمعنى في ثبوته بالواحد الاحتياط للصوم.

أما الرائي نفسه فيجب عليه الصوم، ولو لم يكن عدلاً (أي فاسقاً) أو كان صبياً أو امرأة أو كافراً، أو لم يشهد عند القاضي، أو شهد ولم تسمع شهادته، كما يجب الصوم على من صدقه ووثق بشهادته.


(١) المهذب: ١٧٩/ ١، مغني المحتاج: ٤٢٠/ ١ - ٤٢٢.
(٢) رواه أبو داود وصححه ابن حبان، ورواه الحاكم وقال: على شرط مسلم.
(٣) صححه ابن حبان والحاكم ورواه أبو داود والترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>