للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - خروج الموكل أو الوكيل عن الأهلية: بموت بالاتفاق أو جنون مطبق (١) عند الجمهور خلافاً للشافعية، أو حجر عليه لسفه باتفاق المذاهب الأربعة، وألحق الشافعية الإغماء بالجنون في الأصح عندهم. وقال غيرهم: الإغماء لا يخرج عن أهلية التصرف. ولا يشترط عند الحنفية والشافعية والحنابلة أن يعلم العاقد بخروج الطرف الآخر عن الأهلية بهذه العوارض (٢). وقال المالكية: الأرجح أن الوكيل لا ينعزل بموت الموكل حتى يعلم به (٣).

واختلف أبو يوسف ومحمد في حد الجنون المطبق، فقال أبو يوسف: هو ما استوعب شهراً؛ لأن الشهر يسقط به صوم شهر رمضان.

وقال محمد: هو ما استوعب حولاً كاملاً؛ لأن الحول يسقط به جميع العبادات فيقدر به احتياطاً. قال قاضي زاده صاحب تكملة فتح القدير: والمختار ما قاله أبو حنيفة أنه مقدر بالشهر؛ لأن ما دون الشهر في حكم العاجل، فكان قصيراً، والشهر فصاعداً في حكم الآجل، فكان طويلاً، قال صاحب الدر: وبه يفتى.

٥ - لحاق الموكل مرتداً بدار الحرب: هذه الحالة عند أبي حنيفة؛ لأنه يصير حينئذ من أهل الحرب. وقال الصاحبان: لا تنتهي الوكالة بذلك؛ لأن تصرفات المرتد عندهما نافذة، فلا تبطل الوكالة إلا بموته أو بقتله بسبب ردته، أو بحكم القاضي بلحاقه. وأما مذهب أبي حنيفة في هذا فهو أن تصرفات المرتد موقوفة عنده، ومنها الوكالة، فإن أسلم الموكل نفذت، وإن قتل على الردة أو لحق بدار الحرب بطلت الوكالة.


(١) المطبق: أي الدائم، ومنه الحمى المطبقة أي الدائمة التي لا تفارق ليلاً ولا نهاراً. وقد اشترط الجمهور كون الجنون مطبقاً، وقال الشافعية: تنتهي الوكالة بالجنون وإن زال عن قرب.
(٢) البدائع: ٣٨/ ٦، تكملة فتح القدير والعناية: ١٢٦/ ٦ ومابعدها، مغني المحتاج: ٢٣٢/ ٢، المغني: ١١٣/ ٥، المهذب: ٣٥٧/ ١، المبسوط: ١٣/ ١٩.
(٣) بداية المجتهد: ٢٩٨/ ٢، الشرح الكبير: ٣٩٦/ ٣، مغني المحتاج: ٢٣٢/ ٢، المغني: ١١٣/ ٥، القوانين الفقهية: ص ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>