للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنع السلعة أحياناً من السوق لقوله صلّى الله عليه وسلم: «من احتكر طعاماً يريد أن يغلي بها على المسلمين، فهو خاطئ، وقد برئت منه ذمة الله ورسوله» (١).

وهكذا حرَّم الإسلام كل أوجه الكسب غير المشروع مثل ما ذكر، ونحوه من الرشوة والاختلاس وابتزاز أموال الغير بالباطل واستغلال الحاكم أو الموظف لمنصبه ليقتنص أموال الناس ظلماً وعدواناً. والقصد من تحريم ذلك هو دفع الإنسان إلى العمل وإبعاده عن البطالة والكسل. وبهذا كله أوصد الإسلام الباب أمام تضخم الثروات؛ لأن الطرق غير المشروعة تؤدي عادة إلى ربح عظيم: قال عليه الصلاة والسلام: «الدنيا خضرة حلوة. من اكتسب فيها مالاً من حِلّه، وأنفقه في حقه، أثابه الله عليه، وأورده جنته، ومن اكتسب فيها مالاً من غير حِلّه، وأنفقه في غير حقه، أحله الله دار الهوان، ورب متخوض في مال الله ورسوله، له النار يوم القيامة» (٢).

[٣ - منع الإسراف والتقتير]

أوجب الإسلام الاعتدال في النفقة لقوله تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط، فتقعد ملوماً محسوراً} [الإسراء:٢٩/ ١٧] فلا يكون التقتير مقبولاً لما يترتب عليه من اكتناز الثروات الضخمة الذي يحول بدوره دون توفر نشاط تداول الأموال، الذي هو أمر ضروري لانتعاش الحياة الاقتصادية في كل مجتمع، فحبس المال تعطيل لوظيفته في توسيع ميادين الإنتاج وتهيئة وسائل العمل للعاملين، قال الله سبحانه وتعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشِّرهم بعذاب أليم} [التوبة:٣٤/ ٩].


(١) أخرجه أحمد والحاكم عن أبي هريرة، وهو حديث حسن. وفي رواية: «لايحتكر إلا خاطئ» عند مسلم وأحمد وأبي داود والترمذي (الترغيب والترهيب ٥٨٢/ ٢) والخاطئ: الآثم.
(٢) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما، وهو صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>