وإذا قال:(زنأت على الجبل) فيحد بالاتفاق؛ لأنه لا تستعمل كلمة (على) في الصعود، فلا يقال: صعد على الجبل، وإنما يقال: صعد في الجبل.
ولو قال:(يا ابن القحبة) لم يكن قاذفاً؛ لأن هذا الاسم كما يطلق على الزانية، يستعمل في المهيأة المستعدة للزنا وإن لم تزن، فلا يجعل قذفاً مع الاحتمال.
وكذلك لو قال:(يا ابن الدعية) لا يحد؛ لأن الدعية هي المرأة المنسوبة إلى قبيلة لا نسب لها منهم، فلا يدل على كونها زانية، لجواز ثبوت نسبها من غيرهم.
ولكن إذا تغير العرف، وأصبح استعمال اللفظين الأخيرين مقصوداً به القذف في عرف الناس وعاداتهم، وجب الحد.
هذا كله في القذف بصريح الزنا، أو بما جرى مجرى الصريح، وفيما ليس قذفاً بالزنا، فما حكم القذف بطريق الكناية والتعريض؟ وجوابه فيما يأتي:
[هل التعريض بالقذف يوجب الحد؟]
اتفق الفقهاء على أن القذف إذا كان بلفظ صريح بالزنا، وجب الحد. واختلفوا إذا كان بتعريض مثل: أن يقول لمن يخاصمه: (ما أنت بزان)، (ما يعرفك الناس بالزنا)، (يا حلال ابن الحلال). أو يقول:(ما أنا بزان، ولا أمي بزانية، ولا أبي بزان).
فقال الحنفية: إن التعريض لا يوجب الحد، وإن نوى به القذف؛ لأن التعريض أمر خفيف في الأذى عادة، وهو بمنزلة الكناية المحتملة للقذف ونحوه، ولا يحد الشخص بالاحتمال، لقوله عليه الصلاة وسلام:(ادرؤوا الحدود بالشبهات).