للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشرط السادس ـ عدم الإحرام بالحج أو العمرة من أحد الزوجين أو الولي]

هو شرط عند الجمهور غير الحنفية، فلا يصح الزواج إذا كان أحد العاقدين محرماً بحج أو عمرة، ولايجوز نكاح المحرم ولا إنكاحه لقوله صلّى الله عليه وسلم فيما رواه عثمان: «لايَنْكح المُحْرِم،

ولايُنْكح» (١) وفي رواية لمسلم: «ولا يخطُب» أي لنفسه أو لغيره. فهذا نهي صريح للمحرم بحج أو عمرة أن يتزوج أو يزوج غيره، والنهي يدل على فساد المنهي عنه، ولأن الإحرام انقطاع للعبادة، والزواج سبيل إلى المتعة، فيتنافى مع الإحرام، فيمنع أثناءه.

وأضاف المالكية أنه يفسخ وإن دخل الزوج وولدت، وفسخه بغير طلاق.

وقال الحنفية: ليس هذا شرطاً لصحة الزواج، فيصح مع الإحرام، سواء أكان المحرم هو الزوج أم الزوجة أم الولي، أي يجوز نكاح المحرم وإنكاحه، بدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلم فيما رواه ابن عباس تزوج ميمونة بنت الحارث، وهو محرم (٢).

والحق رجحان الرأي الأول، لورود رواية أخرى من طرق شتى عن ميمونة نفسها: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال» (٣) فإذا تعارض الخبران رجحت رواية الكثرة، فيكون الوهم إلى الواحد أقرب منه إلى الجماعة، وحديث عثمان صحيح في منع المحرم، فهو المعتمد. وقد تؤول حديث ابن عباس بأن معنى (وهو محرم) أي داخل في الحرم، أو في الأشهر الحرم (٤).


(١) رواه مسلم عن عثمان رضي الله عنه.
(٢) متفق عليه عن ابن عباس.
(٣) رواه مسلم عن ميمونة نفسها (انظر سبل السلام: ١٢٤/ ٣) في الأحاديث الثلاثة.
(٤) سبل السلام: ١٤/ ٣، وقد جزم بهذا التأويل ابن حبان في صحيحه، لكن قيل عنه: هو تأويل بعيد لا تساعد عليه ألفاظ الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>