قال أبو حنيفة (١): تجب القيمة بقتل الصيد أو الدلالة عليه. والصيد المقصود: هو كل حيوان بري متوحش بأصل خلقته، سواء أكان مباحاً أم مملوكاً مأكولاً أم غير مأكول كالأسد والنمر إذا لم يكن صائلاً، وكالنسر والبوم والغزال والنعام ونحوها، فلا يعد صيداً الكلب والهر والحية والعقرب والذباب والبعوض والبرغوث والقراد والسلحفاة، والفراشة والدجاج والبط ونحوها.
وتجب القيمة على قاتله سواء أكان عامداً أم مخطئاً أم ناسياً لإحرامه، أم مبتدئاً بقتل الصيد أم عائداً إليه (أي تكرر منه)؛ لأنه ضمان إتلاف، فأشبه غرامات الأموال.
وتقدر القيمة عند أبي حنيفة وأبي يوسف: بأن يقوم الصيد في المكان الذي قتله المحرم فيه، أو في أقرب المواضع منه إن كان في برية، يقوّمه ذوا عدل لهما خبرة في تقويم الصيد، لقوله تعالى:{فجزاءٌ مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم}[المائدة:٩٥/ ٥] وقال في الهداية: والواحد يكفي، والاثنان أولى؛ لأنه أحوط وأبعد من الغلط، كما في حقوق العباد.
ثم يخير المحكوم عليه بالقيمة: إن شاء اشترى بها هدياً فذبح بمكة إن بلغت القيمة هدياً مجزئآً في الأضحية من إبل أو بقر أوغنم؛ وإن شاء اشترى بها طعاماً، فتصدق به على كل مسكين نصف صاع من بُر، أو صاعاً من تمر أوشعير؛ وإن شاء صام يوماً عن كل نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير. فإن فضل من الطعام أقل من نصف صاع فهو مخير: إن شاء تصدق به، وإن شاء صام عنه يوماً كاملاً. وتجب قيمة الحشيش والشجر النابت بنفسه الذي لا ينبته الناس في حرم مكة إذا قطعه الشخص البالغ إلا الإذخر والكمأة، سواء أكان محرماً أم حلالاً، وتوزع القيمة مثل توزيع جزاء صيد الحرم.