الاستثنائية المرهونة بوقت الحاجة لتصحيح بعض الأوضاع الفاسدة، وإجبار الأغنياء على إعطاء حق الفقراء، أو تأميم بعض أموالهم ليقوم الفقير باستثمارها، بعد أن منعوا الزكاة ونحوها من الواجبات المفروضة. قال النبي صلّى الله عليه وسلم عن مانع الزكاة:«ومن منعها ـ أي الزكاة ـ فإنا آخذوها وشطر ماله، عَزْمة من عزمات ربنا عز وجل»(١). هذا بالإضافة إلى أن بعض ملكيات الإقطاعيين الكبيرة كانت قد اكتسبت بوسائل غير مشروعة، إما بخدمة المستعمر، أو الحاكم الظالم. ولا شك بأنه يجوز مصادرة الأراضي والأموال المكتسبة بوسيلة غير شرعية كما عرفنا سابقاً. كما أنه إذا لم تتحقق كفاية الفقراء، لا مانع شرعاً من فرض الكفاية اللازمة على الأغنياء عملاً بالمبدأ الشرعي:«إذا بات مؤمن جائعاً فلا مال لأحد».
[٣) ـ مبدأ المساواة الاجتماعية في الإسلام]
من البدهيات المسلمة المعروفة أن الإسلام دين المساواة في الحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع المسلم، فلا تمييز بين الناس بسبب الجنس أو اللون، أو الحسب والنسب، أو الغنى والفقر، وإنما الكل أمام الله تعالى، وفي المنزلة الاجتماعية سواء، حتى يقضى على كل بواعث الجرائم التي يدفع إليها وجود الامتياز المادي والأدبي. وحينئذ فلا يسمح الإسلام بوجود طبقات اجتماعية تتفاوت في الدرجة الاجتماعية، وإن كان هناك تفاوت مادي بين غني وفقير، في حدود كفاية الفقير، وعدم اكتناز المال لدى الغني، قال الله تعالى:{نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات}[الزخرف:٣٢/ ٤٣]{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم}[التوبة:٣٤/ ٩] والآية الأولى لا تعني وجود مجتمع طبقي في نظام الإسلام، إذ ليس في
(١) أخرجه أحمد والنسائي وأبو داود من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.