والحكمة في أن المسلم يتزوج باليهودية والنصرانية، دون العكس: هي أن المسلم يؤمن بكل الرسل، وبالأديان في أصولها الصحيحة الأولى، فلا خطر منه على الزوجة في عقيدتها أو مشاعرها، أما غير المسلم فلا يؤمن بالإسلام فيكون هناك خطر محقق بحمل زوجته على التأثر بدينه، والمرأة عادة سريعة التأثر والانقياد، وفي زواجها إيذاء لشعورها وعقيدتها.
كراهة الزواج بالكتابيات: يكره ـ عند الحنفية والشافعية، وعند المالكية في رأي ـ للمسلم الزواج بالكتابية الذمية، وقال الحنابلة: زواجه بها خلاف الأولى؛ لأن عمر قال للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب:«طِّلقوهن» فطلقوهن إلا حذيفة، فقال له عمر:«طلقها» قال: تشهد أنها حرام؟ قال: هي خمرة، طلقها، قال: تشهد أنها حرام؟ قال: هي خمرة، قال: قد علمت أنها خمرة، ولكنها لي حلال. فلما كان بعد، طلقها، فقيل له: ألا طلقتها حين أمرك عمر؟ قال: كرهت أن يرى الناس أني ركبت أمراً لا ينبغي لي. ولأنه ربما مال إليها قلبه ففتنته، وربما كان بينهما ولد، فيميل إليها.
أما الحربية: فيحرم تزوجها عند الحنفية إذا كانت في دار الحرب؛ لأن تزوجها فتح لباب الفتنة، وتكره عند الشافعية، وعند المالكية، والزواج بها خلاف الأولى عند الحنابلة.
والواقع، في الزواج بالكتابيات وبالأولى الحربيات: مضار اجتماعية ووطنية ودينية، فقد ينقلن لبلادهن أخبار المسلمين، وقد يرغبن الأولاد في عقائد وعادات غير المسلمين، وقد يؤدي الزواج بهن إلى إلحاق ضرر بالمسلمات بالإعراض عنهن، وقد تكون الكتابية منحرفة السلوك، بدليل ما يأتي:
روى الجصاص في تفسيره: أن حذيفة بن اليمان تزوج بيهودية، فكتب إليه