للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورعاية المصالح العامة والخاصة أو حقوق الجماعة والأفراد معا ً: هي ميزان الإسلام في كل ما شرع وحكم، فحفظ النظام للجماعة واجب أساسي لا يجوز للأفراد إسقاطه أو العفو عنه، أو إهمال إقامته، كما أنه ليس للجماعة الحق في مصادرة حقوق الأفراد الخاصة كالملكية الشخصية والحرية المنظمة.

وتعتبر الحدود على الجرائم الخطيرة كالزنا والسرقة والقذف وشرب المسكرات، كما تقدم، من مقومات المصلحة أو حقوق الجماعة أو حقوق الله، مثل الصلاة والصوم والزكاة؛ لأن المقصود بها إقامة الدين، والدين في تشريع الإسلام أساس نظام الجماعة العام؛ لأن المصالح التي لاحظها الإسلام هي الأصول الخمسة الكلية الضرورية لكل مجتمع، وهي مقاصد الشريعة المعروفة وهي حفظ الدين أو العقيدة، وحفظ النفس (أو حق الحياة) وحفظ العقل وحفظ النسل أو العرض، وحفظ المال والممتلكات، فلا تتوافر الحياة الإنسانية الصحيحة إلا بها.

والمساواة بين الجريمة والعقوبة: أساس تشريع العقوبات الإسلامية، فلا تجاوز عن الحدود المقررة شرعاً، قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «من بلغ حداً في غير حد، فهو من المعتدين» (١). ومن مبادئ الإسلام أنه لا افتئات فيه على أحد بجرم لم يصدر عنه، وأن الأصل في المتهم البراءة حتى تثبت إدانته. والقصاص أو إمكان المماثلة بين الجناية والعقوبة شرط جوهري في العقوبة، حتى يطمئن الناس إلى عدالة الحكم القضائي، ولتسهم العقوبة في توفير عنصر الرهبة والزجر المانع في الغالب من


(١) رواه الطبراني بلفظ «من جلد حدا .. » وفيه شخصان غير معروفين للهيثمي كما قال، ورواه البيهقي عن النعمان بن بشير، وقال: المحفوظ المرسل، ورواه ابن ناجية في فوائده، ورواه محمد بن الحسن مرسلاً (نصب الراية: ٣٥٤/ ٣، مجمع الزوائد: ٢٨١/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>