للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظر محمد إلى غلبة الأجزاء، فقال: إن كانت أجزاء المحلوف عليه غالبة يحنث، وإن كانت مغلوبة لا يحنث؛ لأن الحكم يتعلق بالأكثر ويكون الأقل تبعاً للأكثر.

وذكر محمد: أنه لو حلف إنسان لا يأكل سمناً، فأكل سويقاً لتَّه (١) بسمن ولا نية له أخرى: إن كانت أجزاء السمن تستبين في السويق ويوجد طعمه يحنث. وإن كان لا يوجد طعمه، ولا يرى مكانه لم يحنث لأنها إذا استبانت لم تصر مستهلكة ضِمْن غيرها، فكأنه أكل السمن بنفسه منفرداً، وإذا لم تستبن أجزاء السمن، فقد صارت مستهلكة في غيرها، فلا يعتد بها.

اختلاط الشيء بجنسه: إذا اختلط المحلوف عليه بجنسه كاللبن المحلوف عليه إذا اختلط بلبن آخر، قال أبو يوسف: حكمه حكم خلط اللبن بالماء تعتبر فيه الغلبة، فإن كانت الغلبة لغير المحلوف عليه، لم يحنث في يمينه، لأنه في معنى الشيء المستهلك في غيره.

وقال محمد: يحنث وإن كان المحلوف عليه مغلوباً؛ لأن الشيء لا يصير مستهلكاً بجنسه، وإنما يصير مستهلكاً بغير جنسه، وحينئذ يعتبر كأنه غير مغلوب.

ولكن يلاحظ أن الإمام محمد لم يجعل خلط الجنسين استهلاكاً أي (إعداماً لذات الشيء) إذا كان الجنس والنوع والصفة في كل منهما واحداً، فإذا اختلف النوع كلبن الضأن ولبن المعز، أو اختلفت الصفة كالماء العذب والماء المالح، فيجعل


(١) السويق: هو الناعم من دقيق الحنطة والشعير، ولت السويق: خلطه بالسمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>