للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمذهب الحنفية في الشهادة، فنص على أنه: «يشترط في صحة عقد الزواج حضور شاهدين رجلين، أو رجل وامرأتين، مسلمين عاقلين بالغين، سامعين الإيجاب والقبول، فاهمين المقصود بهما»، أي أن هذا في الزواج بين مسلمين، أما بين كتابيين فيصح بشهادة شاهدين من أهل الكتاب، ولو كانا مخالفين لدين الزوجة، كشهادة نصرانيين على الزواج بيهودية.

[الشرط الرابع ـ الرضا والاختيار من العاقدين أو عدم الإكراه]

هو شرط عند الجمهور غير الحنفية، فلا يصح الزواج بغير رضا العاقدين، فإن أكره أحدهما على الزواج بالقتل أو بالضرب الشديد أو بالحبس المديد، كان العقد فاسداً، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (١). وأخرج النسائي عن عائشة: «أن فتاة ـ هي الخنساء ابنة خِدَام الأنصارية ـ دخلت عليها، فقالت: إن أبي زوجني من ابن أخيه يرفع بي خسيسته (٢)، وأنا كارهة، قالت: اجلسي حتى يأتي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبرته، فأرسل إلى أبيها، فدعاه، فجعل الأمر إليها، فقالت: يا رسول الله، قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء» (٣) والمراد بنفي الأمر عن الآباء نفي التزويج. فدل الحديثان على أن الرضا شرط لصحة الزواج، والإكراه يعدم الرضا، فلا يصح معه الزواج. وهذا هو الراجح؛ لأن التراضي أصل في العقود، والعقد للزوجين، فاعتبر تراضيهما به كالبيع.

وقال الحنفية: حقيقة الرضا ليس شرطاً لصحة النكاح، فيصح الزواج ومثله


(١) حديث حسن رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما عن ابن عباس.
(٢) الخسيس: الدنيء، يقال: رفعت خسيسته: إذا فعلت به فعلاً يكون فيه رفعته.
(٣) سبل السلام: ١٢٢/ ٣ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>