بحسب ما يقبض من المنافع، فلا يستحق المؤجر المطالبة بها إلا تدريجياً يوماً فيوماً؛ لأن المعاوضة المطلقة عن الشرط إذا لم يثبت الملك فيها في أحد العوضين لا يثبت في العوض الآخر؛ لأن المساواة في العقود مطلوبة بين المتعاقدين.
ثانيها: بتعجيلها من غير شرط؛ لأن تأخير التزام المستأجر بالأجرة ثبت حقاً له، فيملك إبطاله بالتعجيل، كما لو كان عليه دين مؤجل فعجله.
ثالثها: باستيفاء المعقود عليه وهو المنافع شيئاً فشيئاً، أو بالتمكين من الاستيفاء بتسليم العين المؤجرة إلى المستأجر، وتسليم المفتاح أيضاً؛ لأن المستأجر يملك حينئذ المعوض، فيملك المؤجر العوض في مقابلته تحقيقاً للمعاوضة المطلقة وتسوية بين العاقدين في حكم العقد.
وإذا تم الاتفاق بين العاقدين على أن الأجرة لا تجب إلا بعد انقضاء مدة الإجارة فهو جائز، إذ أنه يكون تأجيلاً للأجرة بمنزلة تأجيل الثمن.
وأما إذا لم يشترط في العقد شيء فلأبي حنيفة قولان: متقدم ومتأخر، فأما قوله المتقدم أولاً وهو قول زفر: فهو أن الأجرة لا تجب إلا في آخر مدة الإجارة؛ لأن منافع المدة أو المسافة من حيث إنها معقود عليها شيء واحد، فما لو يستوفها كلها لا يجب شيء من بدلها. وأما قول أبي حنيفة المتأخر وهو المشهور الذي استقر عليه، وقول الصاحبين: فهو أن الأجرة تجب حالاً فحالاً، كلما مضى يوم يسلم المستأجر أجرته؛ لأن الأجرة تملك على حسب ملك المنافع، وملك المنافع يحدث