الإنسان في أصل فطرته ـ وإن كان ميالاً إلى الشر واقتراف الذنوب والمعاصي لكنه كثيراً ما يدرك خطورة انحرافه وشذوذ سلوكه، فيبادر إلى تصحيح مسيرته إرضاء لشعوره الداخلي، وإحساساً بمرارة الألم والضيق الذي يعقب الفعل الجانح واستجابة لنداء الضمير وندماً على التورط في المعصية، وتأثراً بالوازع الديني الفطري المستقر في النفس الإنسانية، وطمعاً في نيل العفو من الله تعالى، وخوفاً من عقاب السلطة الحاكمة في عالم الدنيا.
والتخلص من الخطيئة بالتوبة دليل على قوة الإرادة وبعد النظر وسعة الأفق العقلي. وذلك بسبب قوة تأثير المغريات والشهوات الباعثة على الانحراف، لاسيما إذا اعتادها الإنسان، والعادة طبيعة ثانية، وفي نزع الناس عن عاداتهم حرج عظيم، ولأن الإنسان عادة يتعجل الأمور، وقلما ينتظر المؤجل، إلا بشيء من الأناة والصبر والفهم والتخطيط، لذا لفت القرآن الكريم نظر الناس لطبائعهم، فقال تعالى:{كلاّ بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة}[القيامة:٢٠/ ٧٥ - ٢١]{بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى}[الأعلى:٨٧/ ١٦ - ١٧].