أوجب الإسلام استثمار المال وتنميته بالطرق المشروعة من زراعة وصناعة وتجارة ونحوها، وحرم كل الوسائل التي لا تتفق مع الإنسانية الحقة الرحيمة مما هو جاثم في بلدان الحضارة المادية والرأسمالية الغاشمة. وأخطرها الربا أو الفائدة، والقمار، والغش، والاحتكار والتدليس، وبذلك هدم الإسلام صرح الرأسمالية التي يمتص فيها الغني دماء الفقراء والطبقة العاملة، كما أنه قضى على مفاسد الرأسمالية والملكية الفردية، كما يظهر فيما يلي:
أما الربا فقد شن الإسلام عليه حرباً شعواء لا هوادة فيها لاستئصاله من جذوره مهما كانت أشكاله، سواء أكان في القروض الاستهلاكية والإنتاجية أم في عقود المبادلات الأخرى التي يتفق فيها على بيع سلعة بسلعة من النوع نفسه الذي يعتبر من الأقوات الضرورية أو السلع الأساسية للمجتمع كالحبوب والأقطان والمعادن، قال الله تعالى:{وأحل الله البيع وحرم الربا}[البقرة:٢٧٥/ ٢]{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظْلمون ولا تُظْلمون}[البقرة:٢٧٨/ ٢ - ٢٧٩] ومن المعلوم أن مهاجمة الربا في الإسلام دليل على محاربة مختلف أشكال النظم الرأسمالية التي تتحكم فيها مصالح المرابين، وذلك حتى يكون المجتمع الإسلامي مجتمعاً متراحماً ومتعاوناً على الخير، لا يستغل القوي فيه حاجة الضعيف، ولا تتكون فيه طبقة تعيش على حساب رأسمالها دون بذل جهد من عمل ولا كسب، أو دون أن تتعرض هذه الفئة كبقية المشروعات الاقتصادية لاحتمالات الربح أو الخسارة.
وأما القمار بمختلف أنواعه ومنه اليانصيب فقد حرمه الإسلام؛ لأنه مرض