للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعريف عقد الذمة أو الصلح المؤبد وركنه: الذمة في اللغة العهد، وهو الأمان والضمان والكفالة. وعند الفقهاء (١): هو التزام تقرير الكفار في ديارنا وحمايتهم والدفاع عنهم ببذل الجزية (٢) والاستسلام من جهتهم. ولا يعقدها إلا الإمام أو نائبه؛ لأنها من المصالح العظمى التي تحتاج إلى نظر واجتهاد، وهذا لا يتأتى لغير الإمام أونائبه، لكن قال المالكية: إن عقدها غير الإمام فيأمنون، ويسقط عنهم القتل والأسر، وللإمام النظر بأن يمضيها أو يردهم لمأمنهم (٣).

ويحرم قتال أهل الذمة وقتلهم ما داموا ملتزمين بشروط العهد، لما أخرجه أبو داود عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «من قتل رجلاً من أهل الذمة، لم يجد ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاماً». وأخرج الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «ألا من قتل نفساً معاهدة له ذمة الله ورسوله، فقد أخفر بذمة الله، فلا يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفاً».

وحكمة عقد الذمة: تحقيق التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم، وتمكين غير المسلمين من الاطلاع على حقائق الإسلام ومبادئه، فيلتقي الجميع على الحق والعقيدة الصالحة.

والجزية بديل عن حماية المسلمين لأهل الذمة وعن المشاركة في الجهاد، ودليل مادي على الولاء للدولة الإسلامية.

وركن العقد أو صيغته: إما لفظ صريح يدل عليه، مثل لفظ العهد والعقد


(١) راجع آثار الحرب للمؤلف: ص ٦٩٢.
(٢) الجزية: ما يؤخذ من أهل الذمة، لأنها تجزئ من القتل، أي تعصم.
(٣) فتح القدير: ٣٦٨/ ٤، الخرشي، الطبعة الأولى: ١٦٦/ ٣، مغني المحتاج: ٢٤٣/ ٤، كشاف القناع: ٩٢/ ٣ ط مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>