للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القمح التي لي عند فلان بكذا تدفعها لي بعد شهر (١)، أو بسلعة حاضرة (عين) لم يصح البيع، لعدم القدرة على تسليم المبيع.

وبيع الدين نقداً في الحال: اختلف الفقهاء في شأنه على التفصيل الآتي:

أولاً ـ بيع الدين للمدين: أجاز جمهور الفقهاء أئمة المذاهب الأربعة بيع الدين لمن عليه الدين أو هبته له؛ لأن المانع من صحة بيع الدين بالدين هو العجز عن التسليم، ولا حاجة إلى التسليم ههنا، فما في ذمة المدين مسلم له (٢). ومثاله: أن يبيع الدائن للمدين ديناً له في ذمته بدين آخر من غير جنسه، فيسقط الدين المبيع، ويجب عوضه، لأنه في معنى الصلح، وهو جائز،، ويدل ما أخرجه الخمسة (أحمد وأصحاب السنن) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «أتيت النبي صلّى الله عليه وسلم فقلت: إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع الدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وأخذ الدنانير؟ فقال: لا بأس أن تأخذ بسعر يومها، ما لم تفترقا وبينكما شيء» فهذا البيع بين الدنانير والدراهم بيع للدين بعين ممن عليه الدين، لأنه قوله: «أبيع بالدنانير» أي ديناً؛ لأنه لم يقبضهما، ثم يستبدل بها دراهم يقبضها.

وقال الظاهرية: لا يجوز بيع الدين إلى المدين لوجود الغرر فيه، قال ابن حزم: لأنه بيع مجهول، وما لا يدرى عينه، وهذا هو أكل مال بالباطل (٣).


(١) راجع سبل السلام: ٣ ص ٤٥، نيل الأوطار: ٥ ص ١٥٦، الشرح الكبير والدسوقي: ٣ ص ٦١ ومابعدها، الغرر وأثره في العقود للدكتور الصدّيق: ص ٣١١ ومابعدها، غاية المنتهى: ٢ ص ٥٨، المهذب: ١ ص ٢٦٢.
(٢) البدائع: ٥ ص ١٤٨، تكملة ابن عابدين: ٣٢٦/ ٢، الفتاوى الهندية: ٣٦٥/ ٤، أصول البيوع الممنوعة: ص ١١١، المغني: ٤ ص ١٢٠.
(٣) المحلى: ٩ ص ٧ ومابعدها، أصول البيوع، المكان السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>