والتغالب، ومندوب إلى الأخذ بالتعاطف والتناصف. فإن كانت المظالم مما تستأنف فيها الأحكام، ويبتدأ فيها القضاء، منع منه هذا الأمير؛ لأنه من الأحكام التي لم يتضمنها عقد إمارته، وردَّهم إلى حاكم بلده ... » (١).
المبحث الرابع ـ صاحب الحق في التشريع بناء على ما سبق يتبين أن لاحق لأحد سوى الله في التشريع بالمعنى الحقيقي، سواء أكان حاكماً أم طائفة معينة، أم الأمة نفسها؛ لأن إعطاء أحدهم صلاحية التشريع يجعله متأثراً بالمصالح والأهواء الخاصة، وترك مصلحة الأمة العليا. ويبدو لنا ذلك واضحاً بعد انفصال السياسة عن الدين، وجعل التشريع بيد المجالس النيابية، حتى لم نعد نشاهد نصراً حاسماً محرزاً، أو تقدماً إيجابياً صالحاً، أو نهضة حقيقية، بسبب إغفال أوامر الله تعالى، وعدم اجتناب نواهيه. ويؤكد القرآن الكريم على ترك الاختصاص التشريعي لله ولرسوله، قال الله تعالى:{وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخِيَرة من أمرهم}[الأحزاب:٣٦/ ٣٣]{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت، ويسلِّموا تسليماً}[النساء:٤/ ٦٥]{فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}[النور:٦٣/ ٢٤].
والتزم الصحابة المهديون هذا الهدي بعد وفاة الرسول الأعظم صلّى الله عليه وسلم، فكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه إذا ورد عليه الخصوم أو عرض له قضاء عام أو خاص، نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي به قضى به، وإن لم يكن في