للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يحنث؛ لأن كلمة (حتى) تفيد الغاية، وهي بمعنى (إلى) وكلمة (إلى) لانتهاء الغاية، فينتهي اليمين بانتهاء ما بعد (حتى) فيصير وجود الإذن من الحالف غاية لمنع الخروج، فلا تبقى اليمين بعد وجود الغاية. فإذا حدث خروج بعدئذ، لا يحنث إذ لا يمين هناك؛ لأن اليمين سقطت بالإذن، فلا يعتبر النهي بعده. أما قبل الإذن فاليمين باقية فيحنث بالخروج.

ولو نوى بقوله: (حتى آذن لك) حصول الإذن في كل مرة: يصدق ديانة وقضاء، لأنه نوى التشديد على نفسه (١).

٣ - أن يقول: (إلا أن آذن لك): إذا قال رجل لامرأته: (أنت طالق إن خرجت من هذه الدار إلا أن آذن لك، أو آمر أو أعلم، أو أرضى) فهذا بمنزلة قوله: (حتى آذن) عند عامة العلماء. فلو أذن لها مرة واحدة، فخرجت، ثم خرجت مرة أخرى بغير إذنه لم يحنث، لأن (إلا أن) كلمة تفيد معنى الغاية، فتنتهي اليمين بها، كما إذا قال: (حتى آذن لك).

والسبب في أن كلمة (إلا أن) تفيد معنى الغاية، مع أنها من حروف الاستثناء: هو أن صدر الكلام الذي قبل أداة الاستثناء ليس من جنس الإذن، حتى يستثنى الإذن منه، فيجعل مجازاً عن كلمة (حتى) لمناسبة بينهما: وهو أن حكم ما قبل الغاية مخالف لما بعدها، كما أن حكم ما قبل الاستثناء يخالف ما بعده.

وقال الفراء من علماء النحو: قول القائل: (إلا أن آذن لك) مثل قوله: (إلا بإذني) يتطلب تكرار الإذن في كل مرة من مرات الخروج، لأن المعنى (إلا خروجاً بإذني)، إذ (أن) والفعل المضارع بعدها في تأويل المصدر، فصار تقدير


(١) انظر المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>